المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوصايا الذهبية لحل المشاكل الزوجية



الشيخ سيد مبارك
7th February 2012, 06:10 AM
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/salam08.gif
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/besmallah27.gif


الوصايا الذهبية لحل المشاكل الزوجية


إنَّ الحمد لله نحمده ونستعِينُه،ونستَغفِره ونستَهدِيه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسِنا، ومن سيِّئاتأعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله،صلواتُ ربي وسلامُه عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد:
يقولون: الوقاية خيرٌ من العلاج، وهذا صحيح.
ومن ثَمَّ فما نطرَحُه هنا من وَصايا ذهبية هو خُلاصة ما لمسناه واستنبَطْناه من مشاكل كثيرةٍ عُرِضتْ علينا،وقدَّمنا فيها النصيحة الطيِّبة لأصحابها؛ فكانتْ لها ثمارٌ إيجابيَّة على المدى القصير والطويل، ولله الحمد والمنَّة.
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/other/fawasel/fasel12.gif
الوصيَّة الأولي: عدم الإسراف في المال :
لو كتَبْنا هنا عن المشاكل التي تنشَأ ببين الأزواج بسبب المال لاحتَجْنا لكتابٍ منفصل!
المال نعمةٌ كما هو نقمة؛ ولذلك دلَّنا الله - تعالى - على كيفيَّة التصرُّف فيه، وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الإسراف وما في معناه من التبذير والترَف من الأمراض الاجتماعيَّة التي تُهدِّد الحياة الزوجيَّة؛ لأنَّ الترف والبذخ بداية النهاية.

وجاء في"أدب الدنيا والدين" (ص299): واعلَمْ أنَّ السرف والتبذير قد يفترق معناهما؛
فالسرف: هو الجهل بمقادير الحقوق،
والتبذير: هو الجهل بمواقع الحقوق.
وكلاهما مذمومٌ، وذمُّ التبذير أعظم؛ لأنَّ المسرف يخطئ في الزيادة، والمبذِّر يخطئ في الجهل، اهـ.
قلت: وسَواء كان سرفًا أو تبذيرًا، فكلاهما ممقوتٌ شرعًا.
•ومن صُوَرِ الإسراف من الزوج السرف في شرب وتَعاطِي الدخان وما يجري مجراه، وكان أولى بهذا المال أنْ يُكرِم به زوجته وأولاده!
ألم يقل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
دينار أنفقته في سبيل الله . ودينار أنفقته في رقبة . ودينار تصدقت به على مسكين . ودينار أنفقته على أهلك . أعظمها أجرا للذي أنفقته على أهلك.
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 995
خلاصة حكم المحدث: صحيح


ثم إنَّ التدخين من المحرَّمات والخبائث؛ قال - تعالى -:
﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 100].
وهو أولاً:تبذيرٌ للمال من غير طائل،
وثانيًا: ضرره على الصحَّة والبدن مدمِّر على المدى القصير والطويل، فهو يُشبِه الانتحار البطيء.

نعم؛ فهو - أي: التدخين - يتسبَّب فيتسوُّس الأسنان، واصفرارها، واسودادها، ويتسبَّب في التهاب اللثَةِ،وتقرُّحات الفمِ واللسانِ، والربو، وضيق النَّفَس، والسُّعال، والبصاق،وضَعْف كَفاءةِ الرئة، وسُوء الهضم، وتليُّف الكَبِد، والسكتة الدماغيَّة،والذبحة الصدريَّة، وإصابة شرايينِ المخِّ بالتصلُّب، ويُسبِّب الغثيان،والإمساكَ المزمنَ، والصُّداعَ، والأرقَ، والفشلَ الكُلويَّ، وضَعْفَ السمعِ، وفُقدانَ حاسَّةِ الشم أو إضعافَها، وضعفَ الجهاز المناعي... إلخ.
وهذه الأمراض يحتاجُ الزوج للعلاج ممَّاقد يصيبه منها لكثيرٍ من المال، ولا ريب أنَّ مثل هذا الإسراف والتبذير من الرجل أو المرأة التي ربما تُدخِّن هي أيضًا!
ضرره في الدِّين والدنيا لا يُجادِل فيه إلا جاحدٌ فاسد القلب والعقل، وهو مصيبةٌ مُتعدِّدة النواحي والمصايب،وحسبنا الله ونعم الوكيل!
وما يُقال عن الإسراف في التدخين يُقال مثلُه عن الإسراف في الطعام والشراب وشراء الملابس... وهَلُمَّ جَرًّا.
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/other/fawasel/fasel12.gif
الوصية الثانية: الرضا والقناعة :
القناعة والرضا أفضل علاج للإسراف والتبذير الذي ذكرناه أنفًا، ولكنَّ الصبر عليهما من الزوجين يحتاجُ لمشقَّة وجهد، ومَن يلتزم منهما بذلك فهو دليلٌ على حبِّه ومُراقبته لله - تعالى - وابتغاء مرضاته، والتزامه بالمنهج الشرعي الذي يأمُره بالزهد والتقشُّف، ولا يُحرِّم عليه التمتُّع بالطيِّبات من الرزق، ما دام لايخرج به عن حدِّ الاعتدال غير المرغوب فيه.
كما قال - تعالى -:
﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 77].
قال ابن كثيرٍ في تفسيره: "أي: استعمل ماوهبَكَ الله من هذا المال الجزيل والنِّعمة الطائلة، في طاعة ربِّك والتقرُّب إليه بأنواع القُربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدارالآخِرة، ﴿وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾؛ أي: ممَّا أباح الله فيها من المآكِل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح؛ فإنَّ لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا،ولزوجك عليك حقًّا، فآتِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه"؛ انظر: تفسير ابن كثير (6/253).
وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
قد أفلح من أسلم ، ورزق كفافا ، وقنعه الله بما آتاه .
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1054
خلاصة حكم المحدث: صحيح


ولا ريب من واقع ما سمعتُ من الناس أنَّ أهمَّ الأسباب المؤدِّية للهموم والغموم التي تُصِيب كثيرًا من بيوت المسلمين هو عدمُ القناعة بما أعطاهم الله، والتفاخُر بينهم في الإنفاق بسَفهٍ؛ بغرَض التنافُس الممقوت والإسراف في المظاهر، واللجوء إلى الاستِدانة رغم قلَّة الإمكانيَّات الماليَّة عند البعض منهم؛ ممَّا يُؤدِّي إلى تَراكُم الديون التي تُثقِل كاهلهم، وتفسد أخلاقهم، وتدفَعهم إلى طريق الحرام دفعًا، أو على الأقلِّ التقصير في حقِّ الله - تعالى - ومعصيته، وكفى بهذا جهلاً وسفهًا.
ولو تأمَّلنا الواقع على مستوى الإنفاق المذموم لأفراد الأسرة متوسِّطة الدخل لتعجَّبْنا من كثْرة الاحتِفالات والولائم؛ سَواء في إقامة حَفلات الزواج لأبنائها في النوادي، أو احتفالاً بأعياد الميلاد، أو ما أشبه ذلك، وكلُّ ذلك يحتاجُ لِمَبالغ طائلة من أجل مَظاهر كاذبة ليستْ من الدِّين في شيءٍ
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/other/fawasel/fasel12.gif.
الوصية الثالثة: مراقبة الله - تعالى:
يُخطِئ كلٌّ من الزوج وزوجه إنْ ظنَّ أحدهما قُدرته على خِداع الطرف الآخَر، لسببٍ من الأسباب التي تدفعه إلى ذلك؛ لأنَّه دومًا ما ينكشف الأمر ولو بعدَ حين، وهنا يترتَّب على آثارهذا الانكشافِ حاجزٌ نفسي يَصعُب هدمُه على المدى الطويل.
ومن ثَمَّ كانتْ هذه الوصيَّة بِمُراقبة الله لكلٍّ من الزوج وزوجِه أمرًا في غاية الأهميَّة، وإهمالها سيُؤدِّي قطعًا لمشاكل جمَّة.
وكثيرٌ منها - أي: المشاكل التي تنشَأ من انعِدام الثقة بالطرَف الآخَر - سببها عدم الخوف من الله ومُراقبته.
قال - تعالى -: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر: 19].

قال ابن كثيرٍ في تفسيره 4/ 96: "قوله - تعالى -:
﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر: 19]،
يُخبِر - عزَّ وجلَّ - عن علمه التامِّ المحيط بجميع الأشياء؛ جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، دقيقها ولطيفها؛ ليحذر الناس علمه فيهم فيستحيوا من الله - تعالى - حقَّ الحياء، ويتَّقوه حقَّ تَقواه ، ويُراقِبوه مراقبةَ مَن يعلم أنَّه يَراه، فإنَّه - عزَّ وجلَّ - يعلَم العين الخائنة وإنْ أبدتْ أمانة، ويعلم ما تنطَوِي عليه خَبايا الصدور من الضمائر والسرائر"، اهـ.
•وفي السنَّة الحثُّ على مُراقبة الله ؛ ففي ما أخرجه مسلمٌ من
حديث جبريل - عليه السلام - عن عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - قال:
يا محمد، فأخبرني عن الإحسان، قال:
(( فأخبرني عن الإحسان . قال : " أن تعبد الله كأنك تراه . فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك " )).
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 8
خلاصة حكم المحدث: صحيح

•قال ابن القيِّم في مدارج السالكين (2/65) بتصرف: المراقبة دَوام عِلم العبد وتيقُّنه باطِّلاع الحقِّ - سبحانه وتعالى - على ظاهره وباطنه ، فاستِدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة، وهي ثمرة عِلمه بأنَّ الله - سبحانه - رقيبٌ عليه، ناظرٌ إليه، سامعٌ لقوله، وهو مطَّلِعٌ على عمله كلَّ وقت وكلَّ لحظة، وكلَّ نفَس وكلَّ طرفة عين، والغافل عن هذا بمعزِلٍ عن حال أهل البِدايات، فكيف بحال المُرِيدين؟ فكيف بحال العارفين؟
وقيل: مَن راقَبَ الله في خواطره، عصَمَه في حركات جوارحه.

وقال ذو النون: علامة المراقبة إيثارُ ما أنزل الله، وتعظيم ما عظَّم الله، وتصغير ما صغَّر الله، اهـ.
ومن ثَمَّ ينبغي على الزوج وزوجه عدمُ خِداع كلٍّ منهما الآخَر؛ لأنَّ انعِدام الثقة بينهما سيترتَّب عليه هدْم عشِّ الزوجية

http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/other/fawasel/fasel12.gif
الوصيَّة الرابعة: عدم التمادي في الغيرة وإظهارها:
الغيرة المعتدلة لكلٍّ من الزوجين بعضهما على بعض بلا إفراط أو تفريط أمرٌ محمود في الإسلام؛ ودليل ذلك قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
إن الله يغار . وإن المؤمن يغار . وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه.
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2761
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وكما أخرجه البخاري في النكاح ح/5223.

إن الله يغار ، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله.
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري (http://www.dorar.net/mhd/256) - المصدر: صحيح البخاري (http://www.dorar.net/book/6216&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5223
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



•وعن أنسٍ قال:
" كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند بعض نسائه ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام ، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم ، فسقطت الصحفة فانفلقت ، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصفحة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ، ويقول : ( غارت أمكم ) ثم حبس لخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها ، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها ، وأ مسك المكسورة في بيت التي كسرت .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري (http://www.dorar.net/mhd/256) - المصدر: صحيح البخاري (http://www.dorar.net/book/6216&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5225
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
أخرجه البخاري في النكاحح/5225.
قال الحافظ بن حجر في شرح الحديث ما خُلاصته:
قوله ((غارت أمكم)) الخطاب لِمَن حضر ، والمراد بالأم هي التي كسرت الصحفة، وهي من أمَّهات المؤمنين... ثم قال: وعلى هذا حمَلَه جميع من شرح هذا الحديث، وقالوا: فيه إشارةٌ إلى عدم مُؤاخَذة الغَيْراء بما يصدُر منها؛ لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوبًا بشدَّة الغضب الذي أثارَتْه الغيرة، اهـ.
•وقال العلامة ابن القيِّم - رحمه الله - في الفوائد (1/141): ... والغيرة لها حدٌّ إذا جاوزَتْه صارت تهمة وظنًّا سيئًا بالبريء، وإن قصرت عنه كانت تغافُلاً ومبادئ دِياثة، وللتواضُع حدٌّ إذا جاوَزَه كان ذلاًّ ومَهانة ،ومَن قصر عنه انحرَفَ إلى الكبر والفخر، وللعزِّ حدٌّ إذا جاوَزَه كان كبرًا وخلقًا مذمومًا، وإنْ قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة.
وضابط هذا كله العدل؛ وهو الأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط، وعليه بناء مصالح الدنيا والآخٍرة، اهـ.
ومن ثَمَّ يجب أنْ يدرك كلٌّ من الزوجين أنَّ الغيرة المعتدلة المحمودة مطلوبةٌ؛ لأنها دليل المحبة، ولو كان فيها نوع من التصرُّف المرفوض فهو مَعفِيٌّ عنه؛ لعدم القصد في الأذى، ولكن إنْخرجت عن حدِّ الاعتدال إلى التشكيك والاتهام، وربما التجسُّس على الطرف الآخَر فهي غيرة مذمومة ومرفوضة؛ لأنها تُعكِّر صفوَ الحياة الزوجية حتمًا.
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/other/fawasel/fasel12.gif
الوصية الخامسة: التكتُّم على الأسرار الزوجيَّة:
كثيرٌ من الرجال والنساء المتزوجين يُهمِلون مثل هذه الوصيَّة العظيمة، فالبيوت والأبواب إنما كانت لسترعورات الناس، واحتِفاظهم بخصوصياتهم التي لا يطَّلع عليها أحدٌ غيرهم.
فلو كانت حَياتهم بما فيها من خُصوصيَّات يمنعهم الحياء والخلق الحسن من كشْفها إلا في بيوتهم حيث يمارس كلٌّ من الزوج وزوجه حريَّته على طبيعته وفطرته دون تصنُّع، فمن البدهي أنَّ معرفة الأهل والأصدقاء بهذه الخصوصيَّات من الزوج أو الزوجة سيُؤدِّي إلى الصدام بينهما والحقد والكراهية وفقدان الثقة والغيرة المحمودة إلى النقيض تمامًا.
وبالتبعة يُؤدِّي ذلك إلى الفشل في العلاقات الزوجيَّة، فتنتهي بالطلاق أو الخلع، وهو النهاية المتوقَّعة للجهل بمثْل هذه الأمور.
ولعلَّ من أشدِّ الأسرار والخصوصيَّات التي ينبَغِي عدم إفشائها مهما كانت حدَّة الخلاف أسرارَ المعاشرة بينهماعلى الفراش؛
لأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حذَّر من ذلك فقال:
إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة ، الرجل يفضي إلى امرأته ، وتفضى إليه ، ثم ينشر سرها.
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1437
خلاصة حكم المحدث: صحيح
أخرجه مسلم في النكاحح/1437، وأبو داود في الأدب ح/4870.

قال النووي في شرح الحديث ما مختصره:
وفي هذا الحديث تحريمُ إفشاء الرجل مايجري بينه بين امرأته من أمور الاستمتاع، ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه، فأمَّا مجرَّد ذكر الجماع، فإنْ لم تكنفيه فائدةٌ ولا إليه حاجةٌ فمكروهٌ؛ لأنَّه خِلاف المروءة.
وإنْ كان إليه حاجة أو ترتَّب عليه فائدة بأنْ يُنكِر عليه إعراضه عنها، أو تدَّعي عليه العجز عن الجماع، أو نحوذلك فلا كراهةَ في ذكره؛
كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((إني لأفعل ذلك . أنا وهذه))،
الحديث
إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل . هل عليهما الغسل ؟ وعائشة جالسة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لأفعل ذلك . أنا وهذه . ثم نغتسل " .
الراوي: عائشة المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 350
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأبي طلحة:
((أعرستم الليلة؟))،
الحديث
كان ابن لأبي طلحة يشتكي ، فخرج أبو طلحة ، فقبض الصبي ، فلما رجع أبو طلحة قال : ما فعل ابني ، قالت أم سليم : هو أسكن ما كان ، فقربت إليه العشاء فتعشى ، ثم أصاب منها ، فلما فرغ قالت : وار الصبي . فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : ( أعرستم الليلة ) . قال : نعم ، قال : ( اللهم بارك لهما ) . فولدت غلاما . قال لي أبو طلحة : احفظه حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وأرسلت معه بتمرات ، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أمعه شيء ) . قالوا : نعم ، تمرات ، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ، ثم أخذ من فيه ، فجعلها في في الصبي وحنكه به ، وسماه عبد الله . حدثنا محمد بن المثنى : حدثنا ابن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن محمد ، عن أنس ، وساق الحديث .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري (http://www.dorar.net/mhd/256) - المصدر: صحيح البخاري (http://www.dorar.net/book/6216&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5470
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

والله أعلم، اهـ.
ومن ثَمَّ ينبغي الحذر من إفشاء أسرارالفِراش بصفة خاصَّة، والأسرار الزوجية بصفة عامَّة؛ لأنَّه يؤدِّي إلى القيل والقال، وتلويث السمعة وتدخُّل الناس بلا داعي، وهو أمرٌ يمقته الطبع السليم والشرع المطهَّر.
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/other/fawasel/fasel12.gif
الوصية السادسة: الحذر من فتور المحبة بين الزوجين:
لو سألت أيَّ زوجين بعد زواجٍ دام عشرسنوات مثلاً عن شُعور كلٍّ منهما نحو الطرَف الأخربعد هذه المدة الطويلة،وهل هو نفس الشعور خلال فترة الخطوبة وبداية الزواج؟!
الجواب قطعًا: لا.
والسبب في ذلك فُتور المحبَّة.

وسببها الانشغالُ الدائم في العمل، وفيرعاية الأولاد، وعدم الانفِراد العاطفي بينهما خارج البيت، أو حتى داخله،وبث ما في القلب، وإهمال المناسبات السعيدة بينهما، وإهمال التزيُّن والتجمُّل، وغير ذلك.
وبدل الشعور بالحبِّ نجدُ الرحمة والشفقة هي التي تُغلِّف تصرُّفات كلٍّ من الزوج وزوجه.
ولكنَّ الرحمة والشفقة والإحساس بالأمان مع شريك الحياة قد لا يصمد أمامَ الفتن التي زادَتْ، والاختلاط بين الجنسيين بلا رادِعٍ من دِين أو حَياء الذي عمَّ أرجاء الحياة المعاصرة.
والذي من أعظم أسبابه تبرُّج المرأة وابتذالها، وهي من أخطر الفتن على الإطلاق والذي انتشر انتشارَ النار في الهشيم، وغير ذلك من الفتن.
كلُّ هذا جعل كلاًّ من الزوج أو الزوجه بحاجةٍ إلى شعور عاطفي قوي يربطه بشَرِيكه حتى لا يَنهار أحدهما، ويغرق معتيَّارٍ لم يتعوَّد على ردِّه وصدِّه.
ومن ثَمَّ ينبغي للزوجين إحياء رُوح الشباب، وعودة الترابُط العاطفي بينهما؛ لتستمرَّ الحياة الزوجيَّة ترتوي من ينبوع هذا الترابُط، وترتَقِي إلى أعلى درجات السموِّ الروحي والعاطفي بعيدًا عن رِياح التجديد والفتن التي فترت علاقتهما القلبيَّة بكثرة الهموم والغموم!
ولذلك أنصَحُ كلاًّ من الزوج وزوجه بأمرَيْن على الأقل:
الأمر الأول: أن يتزيَّن ويتجَمَّلكل منهما للآخَر:
إنَّ ممَّا يُسعِد قلب الزوج أنْ يَعُود فيجد زوجته في أبهى صورة وأطيب ريح مرحبةً به، وبكلماتٍ طيِّبة مُشجِّعة تنسيه همومَه ومشاكله في يومه هذا وهو بين يديها.
فكثيرٌ من المشاكل تنشَأ لإهمال الزوجة هذا الجانب الحيوي تحت عنوان راح الشباب وانقضى!
لا أيَّتها الزوجة المحبَّة،إنَّ الحياة الزوجيَّة واستمرارها تحتاجُ إلى تضحيات وإنكار ذات، ولك أنْ تتصوَّري زوجك المسكين الذي ما زال ينبض قلبُه ويتعطَّش للمسة حَنان منكلا يجد منك كلَّما عاد إلى بيته إلاَّ الإهمال والتجاهُل، ووجدك رثَّة الثياب، مشغولة دائمًا في أعمال المطبخ والغسيل وفض مشاجرات الأولاد.
وهو الذي تقَعُ عينه بقصدٍ أو بدُونه على زميلاته في العمل أو المتبرِّجات من النساء التي تسلب لبَّه فيبدأ المقارنة بينك وبينهن!
وكُونِي على يقينٍ أنَّ كفَّتهن أرجحوأخطر، وإنْ كان زوجك يخاف الله ويغضُّ بصره، ولا يخونك ويخاف من الحرام،فهذا أمرٌ يُحسَب له لا لك.
لكن ما يكبته في قلبه وتعطُّشه للغذاء العاطفي الذي يَروِيه ولا يجده منك، سيجعله حتمًا يخرج عن صَمته كردِّ فعلٍ لإهمالك إياه.
وربما يغضَب لأسباب تافهة، أو يتلفَّظ بالطلاق بمناسبةٍ وغير مناسبة.

أنت طالق إنْ خرجت، أنت طالق إن ذهبت لفلان، أنت عليَّ حرام... وهكذا.
ويبدأ من جهتك الشكُّ في تصرُّفاته، ويلعَب الشيطان لعبته في إيقاد نار الشك في هذا التغيير، ويُوَسوِس لك بوجود امرأةٍ أخري!
وتبدأ المشاجرات مَن هي؟ ومتى وأين عرفتها؟!
وما أغناك عن كلِّ ذلك بأنْ تهتمِّي بنفسك قليلاً؛ فإنَّ لزوجك عليك حقًّا، فليكن بيتك جنَّتك ومصدر سَعادتك،كُوني أمامَه في أجمل صورة وأطيب رِيح، وسوف ترَيْن العجب!
يقول الإمام السيوطي في كتابه "الإيضاح في علم النكاح": إنَّ الفُقَهاء أكثروا من نُصح النساء باستكمال زينتهنَّ داخل المنازل؛وذلك بتسريح الشعر وتزيينه، والتطيُّب بالطيب أمام الزوج ليطيب قلبه، اهـ.
وعلى الزوج أيضًا ألا يُهمِل هذا الجانب ؛ فالزوجة يسعدها أنْ تجد زوجَها في صورة ورائحة طيِّبة، وفي الخبر المشهورأنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - "
كان لا يُفارِقه المشط والمدرى والمرآة في سفر ولا حضر".
كان لا يفارقه في الحضر ولا في السفر خمسة : المرآة ، والمكحلة ، والمشط ، والسواك ، والمدرى.
الراوي: عائشة المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: السلسلة الضعيفة (http://www.dorar.net/book/556&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 4249
خلاصة حكم المحدث:ضعيف

وهي سنَّة العرب، وهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد أمرنا بسنن الفطرة التي فيها النظافة العامَّة كما في حديث أنس - رضي الله عنه - قال:
"وقَّت لنا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -
وقت لنا في قص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 258
خلاصة حكم المحدث: صحيح
؛ أخرجه مسلم في الطهارة (258)، والترمذي في الأدب (2758).
وعلى الزوج أنْ يُدرِك أنَّ زوجته مثله تمامًا، وله في ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قدوةٌ؛ فقد رُوِي أنَّه قال:
إنِّي لأتزيَّن لزوجتي كما تتزيَّن لي، وما أحبُّ أنْ أستَنظِف كلَّ حقي الذي لي عليها فتستوجب حقَّها الذي لها عليَّ؛ لأنَّ الله - تعالى - قال:
﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228].
وقال ابن الجوزي - في صيد الخاطر (1/201) - ما مختصره: فينبغي للعاقل أنْ يكون له وقتٌ معلوم يأمُر زوجته بالتصنُّع له فيه، ثم يغمض عن التفتيش ليطيب له عيشه، وينبغي لها أنْ تتفقَّد مننفسها هذا، فلا تحصره إلا على أحسن حال، وبمثل هذا يَدُوم العيش.
فأمَّا إذا حصَلت البذلة بانتْ بهاالعيوب، فنبت النفس وطلبت الاستبدال، ثم يقع في الثانية مثل ما وقع في الأولى، وكذلك ينبغي أنْ يتصنَّع لها كتصنُّعها له؛ ليدوم الود بحسن الائتلاف، ومتى لم يجر الأمر على هذا في حق مَن له أنفة من شيءٍ تنبو عنه النفس، وقع في أحد أمرين: إمَّا الإعراض عنها، وإمَّا الاستبدال بها.
ويحتاج في حالة الإعراض إلى صبرٍ عن أغراضه، وفي حالة الاستبدال إلى فضل مُؤنة، وكلاهما يُؤذِي، ومتى لميستعمل ما وصَفْنا لم يطبْ له عيشٌ في متعة، ولم يقدر على دفْع الزمان كماينبغي،
اهـ، انظر: صيد الخاطر؛ لابن الجوزي، فصل دوام الود بحسن الائتلاف.
الأمر الثاني: فتح جسر بينهما للتفاهُم والتشاوُر :
الحاجز النفسي الذي أوجده إهمالُ كلٍّ منهما للآخَر بسبب كثْرة مشاكل الأولاد وتربيتهم ورعايتهم، والهموموالغموم التي تُحِيط بالأسرة، ومُرور الأعوام وفتور العاطفة... إلخ.
لا بُدَّ لهذا الحاجز من هَدمِه وبناء جسرٍ من التفاهُم والانسجام بينهما قوامُه رعاية كلٍّ منهما لحقوق الآخَر؛حتى يكون التآلُف والتآزُر بينهما قائمًا على أساس المعروف، لا على أساس الهوى والنزوة.
فلا يُهمِل الزوج حُقوقَ زوجته لمجرَّد خطَأ منها أو شيء يكرهه فيها، وكذلك لا تهمل الزوجة حُقوق زوجها لبخلٍ منه، أو أذى بدر منه؛ لسوء فهم، أو سرعة غضب، أو غير ذلك.
نعم؛ينبغي لكلٍّ من الزوجين التجاوُز عن أيِّ هفوةٍ أو زلَّةٍ من الطَّرَفِ الآخَر، ولا يطلب من شريكه أنْ يكون مثاليًّا خاليًا من العيوب؛ ولهذا أوصى النبي -
صلَّى الله عليه وسلَّم - الرجل بتجاوُز بعض الهفوات من الزوجة لضعفها؛
فقال:
(( لا يفرك مؤمن مؤمنة . إن كره منها خلقا رضي منها آخر . أو قال : غيره.
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1469
خلاصة حكم المحدث: صحيح
؛ أخرجه مسلم في الرضاع ح/1469.

قال النووي في شرح الحديث: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
(( لا يفرك مؤمن مؤمنة . إن كره منها خلقا رضي منها آخر . أو قال : غيره

يَفرَك: بفتح الياء والراء وإسكان الفاء بينهما، قال أهل اللغة: فرِكه بكسر الراء يفرَكه إذا أبغضه، (والفَرْك) بفتح الفاء وإسكان الراء: البُغض.
ثم قال - رحمه الله -: أي: ينبغي ألاَّيبغضها؛ لأنَّه إنْ وجد فيها خلقًا يُكرَه وجد فيها خلقًا مرضيًّا، بأنْ تكون شرسةَ الخلق، لكنها ديِّنة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحوذلك، اهـ.
وأوصى أيضًا بغضِّ النظر عن هَفوات الزوج وابتغاء مرضاته؛
فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
- ألا أخبركم برجالكم في الجنة ؟ ! النبي في الجنة ، والصديق في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والمولود في الجنة ، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر - لا يزوره إلا لله - في الجنة . ألا أخبركم بنسائكم في الجنة ؟ ! كل ودود ولود ، إذا غضبت أو أسيء إليها [ أو غضب زوجها ] ؛ قالت : هذه يدي في يدك ؛ لا أكتحل بغمض حتى ترضى.
الراوي: أنس بن مالك و ابن عباس و كعب بن عجرة المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: السلسلة الصحيحة (http://www.dorar.net/book/561&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3380
خلاصة حكم المحدث: روي من حديث أنس وابن عباس وكعب بن عجرة

ونكتَفِي هنا بما ذكرناه من وَصايا لحلِّ مشاكل الزواج، والله من وراء القصد، وهو يَهدِي السبيل



http://im20.gulfup.com/2012-01-17/132682333141.gif




اضغط هنا لتنزيل الملف (http://dc7.gulfup.com/do.php?down=TVRNMTI0LU42OS0wMi0zTkRZMjIzLU1iMjUtRj haRzk2OS0wNS1GYzctMjAwLVhkMTAtMDAyLVcyMjMtMWU0LUhj Ny1jNy1OR2YxMS04TTY5LUEyMjMtTTA4LTA4MjItTVMwMjIzLU 4zYjI1LVkyMTUtOWMxMi1FMkxMWjA4LU4wOC05MTMtMks4MjIt MjYtMllYWWUxOS1OMDgtOTEzLTJZUFpjNy1DRFowOC1OMDgtZT E5LTJZVFowOC1OYzEyLUVMZDEwLVJQUTgyMi1fXw==)

465.5 KB.
وكتبه/ الشيخ سيد مبارك

http://im17.gulfup.com/2012-02-05/1328390097261.gif (http://www.islam2you.com/forums/blog.php?193)


للمزيد من الكتب أضغط هنا (http://sayedmobark.yoo7.com/f57-montada)

أبو يوسف
7th February 2012, 12:07 PM
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل والله من حسن طالعنا ان معنا رجال افاضل امثالك

المفوض امره لله
7th February 2012, 04:03 PM
نورت المنتدى شيخنا الفاضل المبارك
بارك الله لك وبارك فيك وبارك عليك
جزاك الله خيرا