الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وبعد
فان علامة سعادة العبد فى تقلبه بين ثلاثة امور
1- الشكر على نعمة الله
2- الصبر على البلاء
3- الإستغفار على معاصية
فتقلب العبد بين هذه الأمور هى علامة سعادته وعنوان فلاحه فى الدبيا والأخره . نعم الله تتوالى علينا. فلو نظر الإنسان الى جسده لوجد نعم لا تعد ولا تحصى قال الله تعالى
"وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ" النحل الايه 18
فالواجب عليك ان تعترف بها وان تتحدث بها ظاهرا وان تصرفها فى طاعة الله فالشكر لله تعالى من أعلى مقامات الإيمان، بل هو حقيقة الإيمان بالله
وقد قيل فى الشكر انهالاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع. وقيل هوالثناء على المحسن بذكر إحسانه.
وقيل هو عكوف القلب على محبة المنعم، والجوارح على طاعته، وجريان اللسان بذكره، والثناء عليه.
والشاكرون لله قلة مصداقا لقوله تعالى
"يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " سبأ الايه 18
وقد وصف بعض الخلق بالشكر، فقال عن نوح عليه الصلاة والسلام:
"ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا " الإسراء الايه 3
.وقال عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام:
"شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" النحل (121) .
وحث عباده على الشكر فقال:
"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ "البقره الايه 152
وقال: "فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" النحل الايه 114 .
ووعد بالمزيد لمن شكر، والعذاب لمن كفر فقال
"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " ابراهيم الايه 7
الشكر لله فى ذاته نعمة من الله يهبها لمن يشاء من عباده فشكرك لله هو أن تستعمل هذه النعم في مرضاته سبحانه، واعلم أن استعمالها فيما يسخطه ويغضبه لهو كفر بنعمه تبارك وتعالى. وما اجمل ما قاله الإمام الغزالي -رحمه الله– فى الشكر فقال:
"اعلم أن الشكر من جملة مقامات السالكين،... ويتعلق ذلك بالعمل بالقلب واللسان والجوارح، أما بالقلب فقصد الخير وإضماره لكافة الخلق. وأما باللسان فإظهار الشكر لله تعالى بالتحميدات الدالة عليه، وأما بالجوارح: فاستعمال نعم الله تعالى في طاعته والتوقي من الاستعانة بها على معصيته،... والشكر باللسان: لإظهار الرضا عن الله تعالى وهو مأمور به؛
لقي النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه فقال كيف أنت قال صالح قال كيف أنت قال بخير أحمد الله تعالى قال هذا الذي أردت منك
الراوي: الفضيل بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 6/1099
وإذا نحن تأملنا وأمعنا النظر في عواقب الشكر وأثره وعود النفع منه، علمنا أن منفعة الشكر راجعة إلى العبد نفسه..
قال سبحانه: "ومن شكر فإنما يشكر لنفسه".من الاية 40 النمل
وقد ذكر ابن القيم أن من منازل إياك نعبد وإياك نستعين: منزلة الشكر، بل إنها من أعلى المنازل، وهي فوق منزلة الرضا، وأن الإيمان نصفان، نصف شكر، ونصف صبر.
قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى ورمت قدماه . قالوا قد : غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر . قال " أفلا أكون عبدا شكورا " .
الراوي: المغيرة بن شعبة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2819
هذ نبينا يضرب لنا اروع المثل فى الشكر فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وها هو يصلى حتى تتورم قدماه اى شكر هذا انه اروع الشكر شكر سيد الأولين والاخرين اللهم ارحمنا واجعلنا من الشاكرين
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك فقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
الراوي: معاذ بن جبل المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1522.
فالشكر منزلة عظيمه لا ينالها الا من اراد الله فإن الله يفتح على العبد من النعم ما يركن إليه ويغتبط به فإذا لم يشكر الله أُخذ على حين غرة. فالأولى بنا أن نكثر من العبادة والدعاء ونلهج بذكره، وبهذا يكون العبد قد اتقى عذاب الله وسخطه، وإذا اجتمع في العبد شيئان استغنى الله عن عذابه الا وهما الشكر واللإيمان .
قال سبحانه:
"مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا"
النساء الايه 147
الهم اجعلنا من المؤمنين الذاكرين الشاكرين