كان أيوب عليه السلام صاحب مال وجاه وزوجات واولاد .... وكان رجلا قد رفع الله قدره فجعله نبيا ... في لحظة من ليل أو نهار ... فقد أهله وولده وماله ... ولم يبق معه الا زوجة واحدة ... ثم ازداد عليه البلاء ... فأصابه مرض عضال ... تعجب منه قومه وخافوا من عدوى مرضه ... فأخرجوه من بينهم ... فعاش في خيمة في الصحراء قد هدّه المرض وتقرح جسده ... وعظم ضره ... وتركه الناس فلم يقربوه ... أما مرضه فقد سئل احد المفسرين (مجاهد رحمه الله) فقال: انه أعظم من الجدري ... كان يخرج في جسده كمثل ثدي المرأة ... ثم ينفقئ فيخرج منه القيح والصديد الكثير.
وطالت سنين المرض بأيوب عليه السلام وهو جبل صامد..
وفي يوم هادئ .. بكت زوجته عند رأسه .. فسألها: ما يبكيك؟
قالت: تذكرت ما كنا فيه من عز وعيش .. ثم نظرت الى حالنا اليوم .. فبكيت ..
فقال لها: اتذكرين العز الذي كنا فيه.. كم تمتعنا فيه من السنين؟
قالت: سبعين سنة.. فقال: كم مضى علينا في هذا البلاء؟
قالت: سبع سنين.. فقال: فاصبري حتى تكون في البلاء سبعين سنة كما تمتعنا في الرخاء سبعين.. ثم اجزعي بعد ذلك أو دعي..
ومر عليه الزمان.. وهو يتلقب على فراش المرض.. لكنه كان بطلا.. لسان ذاكر.. وقلب شاكر.. وجسد صابر.. وعين باكية.. ودعوة ماضية.. لم يفرح الشيطان منه بجزع.. وفي ساعة من نهار.. مر قريبا منه رجلان.. فلما رأيا ضره ومرضه .. قال أحدهما للآخر: ما اظن الله ابتلى ايوب الا بمعصية لا نعلمها.. عندها رفع أيوب عليه السلام يده و (نادى ربه أني مسني الضر وانت ارحم الراحمين)..
فلما نظر الله اليه... نظر الى عينين باكيتين.. ما نظرتا الى حرام.. ويدين داعيتين .. ما لمستا حراما.. ولا امتدتا الى حرام .. ولسانا حامدا.. وراسا راكعا ساجدا.. عندها هزت دعواته أبواب السماء فقال الله: (فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين)
واثنى الله عليه فقال: (إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب)
وما اجمل ان ينظر الله الينا في مرضنا فيرانا صابرين محتسبين فنرتفع الى درجة ( نعم العبد )..
وما أجمل ان نشعر ببعضنا ونواسي مرضانا
**********
لا تنسونا من صالح دعائكم
محمد قبها
عن كتاب عاشق في غرفة العمليات
د. محمد العريفي