بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ,
أما بعد
يضرب المثل على تحمل المشاق والصبر عليها بصبر أيوب عليه السلام على ما حصل له من أنواع البلايا
وأيوب عليه السلام رجلا كثير المال من نقود ومواشى وعبيد وأنعام وأراضى شاسعة وأيضا أولاد كثيرة
أراد الله سبحانه وتعالى أن يمتحن أيوب عليه السلام فى ايمانه وقوة عزيمته كما امتحن من قبله ومن بعده العديد من الأنبياء .
وقد ابتلاه ربه فى كل ماهو عزيز عليه فقد ابتلاه فى ماله وجسده وولده .
قال تعالى ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ سورة الأنبياء » الآية 83.
لم يبق من أيوب عليه السلام عضو سليم سو قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما , كان أيوب صابرا محتسبا ذاكرا لله عز وجل فى ليله ونهاره وصباحه ومسائه .
كان المرض يشتد ويزداد يوما بعد يوم حتى تساقط لحمه ولم يتبق منه الا العظم والعصب .
وكانت زوجته تأتيه بالرماد لتفرشه تحته , وفى يوم قالت له : ياأيوب لو دعوت ربك لفرج عنك !!
فقال لها أيوب لقد عشت سبعين سنة صحيحا فهل قليل لله أن أصبر سبعين سنة ؟
كانت زوجة أيوب تقوم على خدمته واطعامه ورعايته فكانت تعمل بالأجر عند الآخرين بعد أن سلبهم الله المال وكل شىء وأصبح زوجها من الفقراء لا يجد قوت يومه , وكان صابرا عابدا شاكرا لله .
انتهز الشيطان ما فيه أيوب من بلاء ودار حوله يؤكد له أن صبره لن ينفعه ولن يذهب عنه البلاء والفقر والمرض وعليه أن يكف عن صيره هذا وكان رد أيوب عليه السلام أنه لن يكف عن صبره وعبادته لله لأنه أرحم الراحمين ,فقال عدو الله له ان البلاء الذى أنت فيه بسببى وبمس منى!!
فرفع أيوب يديه الى السماء وقال ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴿41﴾ سورة ص )
ولم يجزع أو ييأس من رحمة الله بل ازداد صبرا على صبر وقوة على قوته
وجاء وعد الله وقال تعالى مخاطبا ايوب : ياأيوب نفذ فيك حكمى وسبقت رحمتى غضبى اذا أخطأت فقد غفرت لك ورحمتك , لقد رددت اليك مالك وأهلك وصحتك لتكون لمن بعدك لآية وتكون عبرة لأهل البلاء وعزاء للصابرين .
يا أيوب ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42)
لقد فجر الله سبحانه وتعالى عين ماء فخرج فخرج الماء فأمره بالشرب منها والاستحمام بها . ففعل أيوب ما أمره الله به فذهب عنه البلاء وشفى من كل الأمراض التى كانت فى جسده وعاد أقوى وأصح مما كان فيه.
وكان أيوب قد غضب من امرأته يوما وهو فى مرضه وأقسم أن يضربها مائة ضربة بالعصا
فلما عافاه الله من البلاء أمره أن يجمع حزمة من الأعواد الرقيقة الرفيعة عددها مائة عود وقال له ياأيوب اضرب زوجتك بهذه الحزمة ضربة واحدة لكى لا تحنث فى قسمك ( أى لا تعود فى ما أقسمت به من ضرب زوجتك )
ونفذ أيوب أمر ربه وتحرر من قسمه .
قال تعالى ::
وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ(43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ(44)ص
اللهم اجعلنا من الصابرين الشاكرين فى السراء والضراء