الحمار العراقي.. والرحمة الأمريكية!








نسأل الله أن تشملنا هذه الرحمة أسوة بذلك الحمار!




أثارت رحلة حمار عراقي من الفلوجة إلى مدينة "أوماها" الأمريكية ضحك المراقبين.. وشر البلية ما يضحك كما يقال!، حيث اختلط الجد بالهزل في هذه الرحلة التي تمت بجهود مشتركة لقوات المارينز وجمعية تدعو بالرفق بالحيوانات ولا مساس بها.
والغريب أن "تيري كريسب"، وهو أحد أعضاء تلك الجمعية، كسر قلبي حين تحدث بألم بالغ عن "تدني مكانة الحمير في هذا الجزء من العالم" – العراق- وما تتعرض له من قهر واستلاب وقمع ومصادرة حشيش!.
وكأن مكانة الحمير هي الوحيدة المتدنية في ذلك "الجزء من العالم" المبتلى بالحروب والنكبات والويلات والهمرات والجنرالات وكل ماهو آت آت!.
رحلة الحمار "سموك"
والذي أزعج مستر كريسب أن العراقيين ينظرون للحمار "كحيوان يسخر في الأعمال".. ولا أدري ما هو شغل الحمير في أمريكا؟!، هل يضعونها في المكاتب لتجري عمليات حسابية؟..
ربما؛ لكن الواضح أن حميرنا جبلت من طينة ثانية وإن بدت لهم كأنها من طينة حميرهم!.. إذن المشكلة ليست جغرافية بل طينية بحتة!.
لذا أخذوا الحمار «سموك»، كما أسموه، إلى مختبرات التجارب ليحللوا طينته، ولحسن حظه، وهو قطعا حمار محظوظ جدا، إنه لم يكن وحيدا في الرحلة فلم يعانِ من "بعد المسافة وقلة الزاد ووحشة الطريق" مثلما عانينا حين ركبنا رحلة اللاعودة، بلا معين سوى الله، فقد وجد أصدقاء يتابعون أخباره طوال رحلته - التي استمرت أربعة أسابيع أمضاها من الفلوجة إلى تركيا والخروج منها إلى أمريكا- أولا بأول وعلى أعلى المستويات وفي مقدمتهم السفير الأميركي لدى تركيا.
ولم تكن تلك الرحلة سهلة وميسرة فقد واجهت إجراءات معقدة اشتملت على استحصال تحاليل دم وشهادات واستمارات صحية من الجمارك والزراعة والخطوط الجوية، وقد أجراها المضيفون بالتمام والكمال إكراما لعيني حمار عراقي كانت مكانته متدنية في بلده الأول، ولتذهب الملايين التي تتعذب في"ذلك الجزء من العالم" إلى الجحيم من دون أن يرف لتيري كريسب أي جفن!.
في تلك الرحلة التي يبلغ طولها 7 آلاف ميل (11 ألف كم)، وكلفت أمريكا بين 30 إلى 40 ألف دولار كان كل شيء بها يهون: المال والتعب والبهدلة، مادام الهدف منها عظيما وهو "إنقاذ الحمار من واقعه المزري" كما صرحوا.
خيانة حمار!
وكشف الخبر الذي بثته وكالة «أسوشييتد برس» أن الجمعية قامت من قبل بنقل كلاب وقطط من العراق إلى الولايات المتحدة لإحساسها أن الكلاب والقطط في العراق "تعاني" من سوء المعاملة!، كما نقلت لها التقارير الاستخباراتية وأكد ذلك شهود عيان، فثارت نخوتها وأتمت عملها على أحسن وجه!.
لكن لأسباب لا مجال لذكرها هنا، لا نعلم حقيقة مشاعر الحمار الأمريكي من أصل وفصل عراقي وهو بعيد عن الفلوجة وأهلها الذين ينظرون إليه الآن بالتأكيد نظرة غضب، كون أن الأمريكان كشفوا باهتمامهم به حقيقته المخجلة والمخزية لكل حمار شريف على وجه أرض العراق المحتل!.
فلم يكن سوى حمار خائن تعاون مع الأمريكان؛ بدليل أن الكولونيل جون فولسوم، الذي كان يعمل في مقر قاعدة جوية عراقية كانت تستخدمها قوات المارينز صرح بأنه "اعتاد المشي معه يوميا وارتبط به كثيرا" لذا لم يستطع التخلي عنه، وهذا تأكيد صريح على خيانته!.. فالسير مع المحتلين خيانة عظمى حتى لو جاءت من حمار!...
وبهذه الحالة من الصعب أن يعود ثانية للعراق وللفلوجة تحديدا، لكن ربما تستطيع الحكومة العراقية التي عجزت عن توفير الأمن لأبنائها البررة أن توفر له مكانا آمنا في المنطقة الخضراء وإلا لفتكت به "القاعدة" وأعوانها، فسيف الخيانة المصلط لا يفرق بين رقبة إنسان وحمار!.. فكل الرقاب سواسية ساعة القصاص "العادل"!.
ويبقى للحمار "سموك" قصب السبق كون أن الجمعية، كما يؤكد الخبر، لم يسبق لها نقل حمار من قبل، على طائرة تجارية عادية؛ بل تطلب الأمر طائرة شحن.. وبذلك يكون "سموك" أول حمار تشمله رحمة الجمعية الواسعة..
نسأل الله أن تشملنا جميعا هذه الرحمة أسوة بذلك الحمار المحظوظ!!.

عبدالرزاق الربيعي
نقلا عن موقع onislam.net
الرابط الأصلى
http://onislam.net/arabic/blogs/misc...-12-40-29.html