آخـــر الــمــواضــيــع

هل يحرم الإسلام النساء من قيادة السيارات والطائرات » الكاتب: المراقى » آخر مشاركة: المراقى الرحمة الإلهية فى الليلة الأولى من رمضان » الكاتب: المراقى » آخر مشاركة: المراقى بلاغة القرآن فى خطاب السيدة مريم » الكاتب: المراقى » آخر مشاركة: المراقى هل الإسلام ينمى ويقوى الناحية الروحية فى الإنسان » الكاتب: المراقى » آخر مشاركة: المراقى The Meaning Of Life ما هو معنى الحياة » الكاتب: أبو يوسف » آخر مشاركة: أبو يوسف كيف نفكر فى الله وكيف نتعرف عليه » الكاتب: المراقى » آخر مشاركة: المراقى why convert to Islam from Christianity » الكاتب: أبو يوسف » آخر مشاركة: أبو يوسف تُرى كيف يمكن أن يعود الدكتور مرسي إن شاء الله! » الكاتب: alfarouksoft » آخر مشاركة: alfarouksoft أسباب تأخر إجابة الدعاء » الكاتب: omair hosam » آخر مشاركة: omair hosam ما علاقة الإنسان بالكون » الكاتب: المراقى » آخر مشاركة: المراقى لماذا نرى مجتمعات المسلمين أكثر المجتمعات تخلفا » الكاتب: المراقى » آخر مشاركة: المراقى إليكم حصن المسلم كاملاً إن شاء الله » الكاتب: ابنة الفاروق » آخر مشاركة: أبو يوسف السلطان عبد الحميد الثاني .. رؤية تاريخية » الكاتب: ابنة الفاروق » آخر مشاركة: لك عدت إليك أنت يافتاة الإسلام » الكاتب: ابنة الفاروق » آخر مشاركة: أبو يوسف مِنكُـن مُـنــفرات » الكاتب: ابنة الفاروق » آخر مشاركة: أبو يوسف الإساءة إلى الناس فن » الكاتب: ابنة الفاروق » آخر مشاركة: أبو يوسف العافية نعمة الدنيا والآخرة » الكاتب: ابنة الفاروق » آخر مشاركة: أبو يوسف فائدةً من كتاب-الردّ على الشاذلي-لشيخ الإسلام ابن تيميَّة » الكاتب: ابنة الفاروق » آخر مشاركة: ابنة الفاروق اسمعي بارك الله فيك » الكاتب: معاد مد » آخر مشاركة: معاد مد الحزن والغم » الكاتب: معاد مد » آخر مشاركة: المفوض امره لله

ضع إعلانك هنا



النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    عضو جديد
    علم الدولة:
    رقم العضوية : 256
    تاريخ التسجيل : Jun 2011
    المشاركات: 22
    التقييم: 10

     

    01 (19) الرسول محمد محرر العبيد

    الرسول محرر العبيد


    حمدي شفيق

    انطلقت "ثويبة" جارية أبي لهب إلى سيدها تبشره بمولد ابن أخيه
    "محمد" صلى الله عليه وسلم .
    طغت السعادة على قلب العم بمولد اليتيم ليكون عوضا لبني هاشم عن موت أبيه عبد الله قبل ذلك بأسابيع .
    و لم يجد "أبو لهب" ما يكافئ به "ثويبة" على تلك البشرى السعيدة سوى أن يُعْتقها (1) .
    وهكذا كان مجرد مولده الشريف سببا في تحرير تلك السيدة التي أرضعته فترة قبل أن تتولى السيدة
    "حليمة السعدية" تلك المهمة النبيلة ..
    وتلك إشارة واضحة إلى أن المولد الشريف كان إيذانا ببدء عملية "التحرير" الكبرى للبشر – كل البشر– من العبادة والعبودية لغير الله الواحد القهار . وقد ورث
    صلى الله عليه وسلم
    عن أبيه جارية واحدة هي حاضنته "أم أيمن" (2) .
    وفور بلوغه مبلغ الرجال أعتقها عليه السلام ، وزوّجها من مولاه زيد بن حارثة الذي أعتقه هو الآخر كما سيأتي . وكان يحسن دوما إلى ثويبة وأم أيمن ، ويقول عن الأخيرة :
    "هذه بقية أهل بيتي" .
    وكانت زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها ترسل الطعام والشراب إلى "ثويبة" مرضعة زوجها .
    كما كانت أم أيمن تحتد أحيانا في حديثها معه - بما لها عليه من حق لحضانتها اياه من قبل - فما كان عليه السلام يزيد على الابتسام ..
    وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال :
    من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة ، فليتزوج أم أيمن
    الراوي: سفيان بن عقبة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 2260
    خلاصة حكم المحدث:
    ضعيف
    فتزوجها زيد بن حارثة ، وولدت له أسامة بن زيد حبيب الرسول صلى الله عليه وسلم .
    أي تشريف وأي مقام رفيع بلغته جارية في أمة من الأمم مثلما بلغت أم أيمن رضي الله عنها ؟
    لقد رفعها النبي عليه السلام إلى مقام أمه ، فهل هناك من هي أرفع منزلة من أم سيد ولد آدم أجمعين ؟!! .
    وهناك أيضا كرامة من الله للسيدة أم أيمن رضي الله عنها . فعندما هاجرت أصابها عطش شديد في الطريق ولم يكن معها ماء ،
    وكانت صائمة ،
    فنزل عليها من السماء دلو أبيض ممتلئ بالماء فشربت منه حتى رويت ..
    وكانت تقول : ما أصابني بعد ذلك عطش – بسبب الماء الذي نزل عليها من السماء – ولقد كانت تصوم في الأيام الشديدة الحرّ فما تشعر بعطش بعد تلك الشربة المباركة .
    والقصة أوردها ابن سعد في ترجمة أم أيمن .
    وكان الرسول يداعبها ، قالت له يوما :
    احملني – أي أعطني ناقة أركبها وأتنقل عليها ، فرد عليه السلام : "أحملك على ولد الناقة" قالت : يا رسول الله إنه لا يطيقني ولا أريده . قال : "لا أحملك إلا على ولد الناقة" . علق ابن سعد قائلا : "يعني أنه كان يمازحها ، وكان النبي عليه السلام يمزح ولا يقول إلا حقا ، والإبل كلها ولد النوق" . انتهى .
    وكان النبي يرضيها كما شاءت ، ومن ذلك أنه بعد فتح بني قريظة والنضير ، رد النبي عليه السلام على المسلمين ما كانوا قد تبرعوا به للدعوة وأضياف النبي من نخيل وإبل ، فقد جاءت الغنائم ببديل كاف . وكانت لأنس بن مالك نخلات تبرع بها ، فجاء إلى النبي ليستردها كما استرد الناس ، وكان النبي عليه السلام قد أعطاها لأم أيمن ، فرفضت ردها ، وأمسكت بخناق أنس بن مالك ،
    والرسول يبتسم قائلا لها : "لك كذا" ، فترد عليه "كلا والله" ، وظل النبي صلى الله عليه وسلم يزيدها حتى أعطاها عشرة أمثال نخلات أنس بن مالك لتتركها له .
    الحديث
    أن رجلا ( وقال حامد وابن عبدالأعلى : أن الرجل ) كان يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات من أرضه . حتى فتحت عليه قريظة والنضير ، فجعل ، بعد ذلك ، يرد عليه ما كان أعطاه . قال أنس : وإن أهلي أمروني أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله ما كان أهله أعطوه أو بعضه . وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم قد أعطاه أم أيمن . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن . فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وقالت : والله ! لا نعطيكاهن وقد أعطانيهن . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم ( يا أم أيمن ! اتركيه ولك كذا وكذا ) وتقول : كلا . والذي لا إله إلا هو ! فجعل يقول كذا حتى أعطاها عشرة أمثاله ، أو قريبا من عشرة أمثاله .

    الراوي:أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1771
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

    ولو حدث مثل هذا في أية أُمَّة أخرى للقيت الجارية التي تتجرأ هكذا على سيدها – مصرعها في التو واللحظة ، لكنه النبي الذي أرسله ربه "رحمة للعالمين" الأنبياء:107 .

    وعندما لقي الرسول صلى الله عليه وسلم ربه اشتد بكاء " أم أيمن "
    وسألوها عن السبب فقالت : والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيموت ، ولكني إنما أبكي على الوحي إذ انقطع عنا من السماء (4)
    إنما أبكي على الوحي الذي انقطع عنا من السماء
    الراوي:أم أيمن المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: إتحاف المهرة - الصفحة أو الرقم: 18/232
    خلاصة حكم المحدث: له طريق [آخر]

    .. ولذات السبب بكت " أم أيمن " عند استشهاد الخليفة العظيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلة : اليوم وَهَى – ضعف – الإسلام ..
    يا لها من سيدة عظيمة حكيمة فقهت ما عجز عن فهمه كثير من الرجال أمثال هؤلاء الذين يتطاولون على الإسلام بالداخل والخارج ، ولا يدركون كيف أعلى الإسلام مكانة العبيد والجواري أمثال "أم أيمن" رضي الله عنها .
    ويذكر الإمام ابن القيم
    أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعتق ريحانة بنت زيد وتزوجها ثم طلقها تطليقة .
    والمهم هنا ما رواه الواقدي وشرف الدين الدمياطي من أن الرسول عليه السلام قد أعتقها بدورها . ثم يضيف ابن القيم أنه عليه السلام أعتق أبا رافع ، وأسلم ، وثوبان ، وأبو كبشة سليم ، وشقران واسمه صالح ، ورباح، ويسار، ومدعم، وكركرة وهم من النوبيين .
    كما أعتق سفينة بن فروخ واسمه مهران، وأنجشة الحادي ، وأعتق أنيسة وكنيته أبو مشروح ، وأفلح ، وعبيدة ، وطهمان قيل إن اسمه كيسان ، وذكوان ، ومهران ، ومروان ، وكذلك حنين، وسندر، وفضالة، ومأبور، وأبو واقد، وواقد، وقسام، وأبو عسيب، وأبو مويهبة رضي الله عن الجميع . وكذلك أعتق النبي سلمى أم رافع، وميمونة بنت سعد، وخضيرة، ورضوى، وريشة، وأم ضمير، وميمونة بنت عسيب رضي الله عنهن . وذكر الصنعاني في " سبل السلام "- كتاب العتق- نقلا عن صاحب كتاب " النجم الوهاج "
    أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعتق ثلاثة وستين نفسا بعدد سنوات عمره الشريف .
    وأعتقت زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها وحدها سبعة وستين عبدا وجارية بعدد سنوات عمرها أيضا .
    و أعتقت السيدة خديجة بنت خويلد زوج النبي عليه السلام عشرات من العبيد والجواري قبل وبعد الإسلام رضي الله عنها . وأعتقت السيدة أم سلمة عشرات العبيد رضي الله عنها . والثابت من حديث البخاري
    عن جويرية أنه عليه السلام:
    " لم يترك عند وفاته درهمًا ولا دينًارا ولا عبدًا ولا جارية ".
    الحديث
    ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخي جويرية بنت الحارث ، قال : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ، ولا دينارا ، ولا عبدا ، ولا أمة ، ولا شيئا ، إلا بغلته البيضاء ، وسلاحه ، وأرضا جعلها صدقة .
    الراوي:عمرو بن الحارث بن المصطلق المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2739
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


    وهذا وحده كاف للرد على أولئك الحاقدين الذين لا يفهمون – أو يتجاهلون عمدا – كل تلك المواقف التحريرية الخالدة في السيرة العطرة .

    حبيب الله ورسوله

    بل إن قصة الصحابي الجليل
    " زيد بن حارثة "
    رضي الله عنها هي وحدها دليل قاطع على منهج التحرير الإسلامي ،
    والمكانة السامية التي رفع الله إليها أولئك العبيد الذين كانوا قبل الإسلام لا يُعَدّون شيئًا مذكورًا .
    لقد تعرض زيد رضي الله عنه في صغره للخطف ، ثم باعه القراصنة في سوق "عكاظ " بمكة قبل الإسلام . واشتراه حكيم بن حزام ثم وهبه لعمته السيدة خديجة رضي الله عن الجميع ، ثم وهبته بدورها لزوجها محمد صلى الله عليه وسلم فأعتقه .
    وشاء القدر أن يستدل والد " زيد " وعمه على مكانه بمكة ، فجاءا إلى النبي عليه السلام ، وعرضا عليه ما يشاء من المال مقابل اعادة ولدهما إليهما . ولكن الكريم بن الكرام عليه السلام رفض المال ، وعرض عليهما ما هو أنبل وأكرم ، وهو أن يتم تخيير " زيد " بين البقاء عند النبي أو العودة مع أبيه وعمه إلى موطنه الأصلي ، فإن رغب في الرحيل مع أبيه وعمه فهو لهما بلا أي مقابل ، وإن اختار البقاء مع النبي فله ذلك ..
    هل يفعل هذا بشر غيره عليه الصلاة والسلام ؟! وفوجئ الأب والعم " بزيد " يرفض العودة معهما إلى بلده وأمواله الطائلة وقبيلته الكبيرة ،
    ويؤثر البقاء مع مولاه محمد بن عبد الله لما رأى من نبله وكرمه وحنانه الذي يفوق حنان أبويه !! وهنا ردّ النبي عليه السلام التحية بأفضل منها ، فأعلن على الملأ أن زيدا ابنه يرث كلاهما الآخر .
    كان هذا قبل الإسلام وقبل تحريم التبني . وهنا رضي والد زيد وعمه ، واطمأنا إلى حسن مقام ولدهما عند النبي الكريم فانصرفا سعيدين .
    فهل عامل أحد عبدًا بأنبل وأكرم من هذا ؟ وهل فعلها أحد غير سيد الأولين والآخرين من قبل أو من بعد ؟ ! لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم
    بعتق زيد وتبنيه بل زوّجه حاضنته " أم أيمن " التي كان قد أعتقها بدورها ..
    ثم كانت الخطوة الأخرى الكبرى لتحطيم كل الفوارق بين البشر ، وتطبيق المساواة بين الأسياد والعبيد على أرض الواقع .
    فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم – بعد الإسلام – ابنة عمته الحسيبة النسيبة زينب بنت جحش لمولاه زيد بن حارثة ..
    وكان القوم ما زالوا حديثى عهد بالجاهلية وفخرها بالأحساب والأنساب ، فوجدوا في أنفسهم ضيقًا شديدًا وحرجًا بالغًا من هذه الزيجة التي اعتبروها غير متكافئة ، بل تلحق بهم العار، طبقا لما كان عليه العرب في الجاهلية من أعراف وتقاليد .
    وهكذا رفضت " زينب " وأهلها الأسياد بنو الأسياد مصاهرة عبد سابق ،
    فأنزل الله تعالى آية خالدة :
    " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا " الأحزاب : 36 .
    قال جمهور المفسرين
    – فيما يرويه ابن كثير والقرطبى والطبرى وغيرهم – أن هذه الآية نزلت بسبب رفض زينب وقومها تزويجها من زيد بن حارثة
    فلما نزلت الآية الكريمة قالت زينب رضي الله عنها :
    " إذا لا أعصي الله ورسوله قد أنكحته نفسي "
    وقال أخوها عبد الله بن جحش رضي الله عنه:
    "يا رسول الله مُرْنِي بما شئت"
    ، فتزوّج زيد زينب رضي الله عن الجميع(5)..
    ثم نزل بعد ذلك تحريم التبني،
    فاسترد زيد اسمه الأول "زيد بن حارثة" بعد أن كان يُدعى قبل ذلك زيد بن محمد .
    وكان رضي الله عنه وولده أسامة أحب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ابنته فاطمة رضي الله عنها ،
    وكان يقال لأسامة الحِبْ ابن الحِبْ – المحبوب بن المحبوب – لمنزلتهما السامية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
    ليس هذا فقط بل إن "زيدًا" رضي الله عنه هو الصحابي الوحيد الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم بالاسم صراحة في آية خالدة تتلى إلى يوم القيامة
    "فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها .." (الأحزاب : 37) .
    ولم يظفر بهذا الشرف الرفيع - الذكر بالاسم الصريح فى القراّن - ولا حتى الصدّيق أو الفاروق رضى الله عنهما ، فهل هناك تكريم لهذا العبد السابق أكثر من ذلك ؟!!
    كما عيّنه النبي عليه السلام قائدًا للجيش في غزوة "مؤتة" أميرًا على أكابر الصحابة ،
    ثم ولّى ابنه أسامة بن زيد قيادة الجيش من بعده . وعندما اعترض البعض قال النبى
    – صلى الله عليه وسلم :
    الحديث
    بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا ، وأمر عليهم أسامة بن زيد ، فطعن بعض الناس في إمرته ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن كنتم تطعنون في إمرته ، فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل ، وايم الله إن كان لخليقا للإمارة ، وإن كان لمن أحب الناس إلي ، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده ) .
    الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6627
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


    وعندما تُوفي الرسول - صلى الله عليه وسلم -
    وجيش أسامة ينتظر خارج المدينة ، أصر أبو بكر الصديق خليفته على أن يواصل أسامة مهمته تنفيذًا لأمر النبي عليه السلام ، ورفض أن يستبدل أسامة ، أو أن يعزله عن منصب ولاه إيّاه الرسول صلى الله عليه وسلم .
    وخرج "أبو بكر" يمشي مودّعًا للجيش ، وأسامة راكب على فرسه ، ورفض أبو بكر أن يركب ، أو أن ينزل أسامة ليمشي إلى جواره ..
    هذا هو الإسلام العظيم ، الرجل الثاني في الإسلام يمشي ، ومولى ابن مولى راكب على فرسه إلى جواره قائدًا لجيش فيه أكابر الصحابة وسادات العرب .
    ونذكّر بأن النبي صلى الله عليه وسلم نصح فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن تتزوج أسامة بن زيد ،
    واختاره لها مُفَضِّلاً إياه على معاوية بن أبي سفيان السيد ابن سيد مكة من قبل وأبو جهم رضي الله عن الجميع . فهل جاء أحد غير الإسلام بمثل هذا ؟ !

    جويّرية محرّرة قومها

    كان الحارث بن ضرار زعيم بني المصطلق عدوًا شديد الضراوة للمسلمين . ولم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم مفرًّا من تجريد جيش لكف بأس بني المصطلق ،
    وبالفعل لحقت بالحارث هزيمة ساحقة ، وقع فيها كل قومه في الأسر .
    وكان من بين الأسرى ابنته جويّرية . فجاءت إلى النبي عليه السلام تطلب معونته في فك أسرها مقابل تسع أواق تدفعها لثابت بن قيس الذي وقعت في نصيبه .
    فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم :
    " أو خير من ذلك " ؟ فسألت : ما هو ؟ . أجاب صلى الله عليه وسلم :
    "أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك" يعني أن يدفع عليه السلام المتفق عليه لثابت بن قيس مقابل تحريرها ثم يتزوجها صلى الله عليه وسلم .
    فقالت : نعم يا رسول الله . قال عليه السلام : "قد فعلت". وبهذه الزيجة المباركة تحرّر كل بني المصطلق من الأسر ،
    الحديث
    وقعت جويرية بنت الحارث بن المصطلق في سهم ثابت بن قيس بن شماس – أو ابن عم له – فكاتبت على نفسها ، وكانت امرأة ملاحة تأخذها العين . قالت عائشة : فجاءت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها ، فلما قامت على الباب ، فرأيتها كرهت مكانها ، وعرفت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرى منها ، مثل الذي رأيت ، فقالت : يا رسول الله ، أنا جويرية بنت الحارث ، وإنما كان من أمري ما لا يخفى عليك ، وإني وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس ، وإني كاتبت على نفسي ، فجئتك أسألك في كتابتي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهل لك إلى ما هو خير منه ؟ قالت : وما هو يا رسول الله ؟ قال : أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك . قالت : قد فعلت . قالت : فتسامع – تعني الناس - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد تزوج جويرية ، فأرسلوا ما في أيديهم من السبي ، فأعتقوهم ، وقالوا : أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها ، أعتق في سببها ، مائة أهل بيت من بني المصطلق
    الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 3931
    خلاصة حكم المحدث: حسن


    إذ انتشر الخبر بين الصحابة فقالوا جميعًا : أصهار رسول الله في الأسر ؟! أي استنكروا أن يستبقوا بني المصطلق في الأسر بعد أن صاهرهم النبي ،
    وانطلقوا فحرّروهم جميعا بلا مقابل . وكان رد فعل هذا الكرم النادر من قبل النبي وأصحابه أن أسلم بنو المصطلق عن بكرة أبيهم .
    تقول السيدة عائشة رضي الله عنها "أعتق بتزويج جويرية من النبي أهل مائة بيت ، فلا أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها"(6) .
    وهكذا حرّر النبي قبيلة بأكملها بهذه الزيجة .. فهل فعل هذا سواه ؟! .
    ونلاحظ هنا أن الرسول عليه السلام قد اتبع هذا الأسلوب الحكيم لتحرير الأسرى بطريقة غير مباشرة أيضا مع أسرى هوازن وثقيف وكانوا ستة آلاف نسمة .
    فعند ما جاءه وفد القوم مسلمين ، وناشدوه إخلاء سبيل أسراهم قال لهم : "ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم" ، وأرشدهم إلى أن يأتوا وقت الصلاة، ويستشفعوا بالنبي إلى المسلمين . ففعلوا ، فقام النبي وسأل الناس أن يخلوا سبيل الأسرى ، ولكل رجل لا تطيب نفسه بالتخلي عن أسيره ستة من الإبل من أية غنائم تأتى إلى النبى فى أقرب وقت ممكن ، تعطى له مقابل كل نفس يطلق سراحها. فقال المهاجرون : ما كان لنا فهو لرسول الله ، وقال الأنصار : ما كان لنا فهو لرسول الله ، وهكذا حرّر النبي كل الأسرى ، ولكن بأسلوب غير مباشر كما حدث في غزوة بني المصطلق .

    شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءته وفود هوازن فقالوا : يا محمد إنا أهل وعشيرة ، فمن علينا من الله عليك ، فإنه قد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك ، فقال : اختاروا بين نسائكم وأموالكم وأبنائكم . فقالوا : خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا ، نختار أبناءنا ، فقال : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ، فإذا صليت الظهر ، فقولوا : إنا نستشفع برسول الله على المؤمنين وبالمؤمنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسائنا وأبناءنا . قال : ففعلوا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم . وقال المهاجرون : ما كان لنا فهو لرسول الله ، وقالت الأنصار مثل ذلك ، وقال عيينة بن بدر : : أما ما كان لي ولبني فزارة فلا ، وقال الأقرع بن حابس : أما أنا وبنو تميم فلا ، وقال عباس بن مرداس : : أما أنا وبنو سليم فلا . فقالت الحيان : كذبت ، بل هو لرسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم فمن تمسك بشيء من الفيء ، فله علينا ستة فرائض من أول شيء يفيئه الله علينا
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 4/622
    خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن


    من وجه اخر
    كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ أتته وفد هوازن ، فقالوا : يا محمد ! إنا أصل وعشيرة ، وقد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك ، فامنن علينا ، من الله عليك ! فقال : اختاروا من أموالكم أو من نسائكم وأبنائكم . فقالوا : قد خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا ، بل نختار نساءنا وأبناءنا ، فقال رسول الله : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ، فإذا صليت الظهر ، فقوموا فقولوا : إنا نستعين برسول الله على المؤمنين – أو المسلمين – في نسائنا وأبنائنا . فلما صلوا الظهر ، قاموا فقالوا ذلك ، فقال رسول الله : فما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم . فقال المهاجرون : وما كان لنا فهو لرسول الله . وقالت الأنصار : ما كان لنا فهو لرسول الله . فقال الأقرع بن حابس : أما أنا ، وبنو تميم : فلا ، وقال عيينة بن حصن : أما أنا ، وبنو فزارة : فلا ، وقال العباس بن مرداس : أما أنا ، وبنو سليم فلا ، فقامت بنو سليم فقالوا : كذبت ! ما كان لنا فهو لرسول الله فقال رسول الله : يا أيها الناس ، ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم ، فمن تمسك من هذا الفيء بشيء ، فله ست فرائض من أول شيء يفيئه الله عز وجل علينا . وركب راحلته وركبه الناس : اقسم علينا فيأنا ، فألجاؤه إلى شجرة ، فخطفت رداءه ، فقال : يا أيها الناس ، ردوا علي ردائي ، فوالله لو أن شجر تهامة نعما ، قسمته عليكم ، ثم لم تلقوني بخيلا ، ولا جبانا ، ولا كذوبا . ثم أتى بعيرا ، فأخذ من سنامه وبره بين إصبعيه ، ثم يقول : ها ، إنه ليس لي من الفيء شيء ، ولا هذه ، إلا خمس ، والخمس مردود فيكم . فقام إليه رجل ، بكبة من شعر فقال : يا رسول الله أخذت هذه لأصلح بها بردعة بعير لي فقال : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك . فقال : أو بلغت هذه ، فلا أرب لي فيها ، فنبذها ، وقال : يا أيها الناس ! أدوا الخياط والمخيط ، فإن الغلول يكون على أهله عارا وشنارا يوم القيامة
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 3690
    خلاصة حكم المحدث: حسن


    والدعوة إلى الخير تحتاج إلى مثل هذه الأساليب البارعة ، لأن كثيرا من الناس يمقتون الوعظ المباشر ، والأمر أشدّ على الأنفس عندما تطالبهم بالتخلي عما يملكون بلا مقابل.

    عتق صـفيّة

    بعد فتح خيبر وقعت صفيّة بنت حيي بن أخطب زعيم اليهود في الأسر . وكان أبوها وأخوها وزوجها قد قُتلوا جميعًا في المعركة . وطبقًا لما تعارف عليه العالم كله آنذاك كان من الطبيعي أن تكون صفية كغيرها من السبي جارية يستعبدها من قهر أباها في الحرب ، لأنه لو كان أبوها هو المنتصر لفتك بسبايا المسلمين ولم يبق منهن نسمة كما يفعل اليهود المجرمون في كل مكان وزمان ..
    قال دحية الكلبي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم بعد المعركة : "يا رسول الله أعطني جارية من سبي يهود" .
    فقال له عليه السلام : "اذهب فخذ جارية" ،
    فذهب دحية فأخذ صفية ، فرآها الصحابة فعرفوها ، فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم سِراعًا هاتفين : يا رسول الله إنها سيدة بني قريظة والنضير ، ما تصلح إلا لك .
    فأعطى الرسول لدحية عوضًا عنها وضمها إليه ..
    ومن المهم هنا أن نسجل مَكْرَمة تخفى على كثير من الناس ، وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتخذ صفية جارية كعادة الأمم الأخرى ، بل بدأ عليه السلام بتكريم مثواها ، ثم خيَّرها بين العتق وإطلاق سراحها إن أرادت البقاء على يهوديتها والرحيل معززة مكرمة إلى المكان الذي هرب إليه بقايا قومها ، أو الإسلام والزواج منه بعد عتقها أيضًا .
    ففي جميع الحالات أعتقها عليه السلام سواء تزوجته أم رفضت الزواج منه .
    وهكذا هو الإسلام يجبر المكسور، ويعزّ به الذليل ، ويزداد الشريف به شرفًا . وافقت صفية رضي الله عنها فورًا على الزواج من النبي قائلة :
    "يا رسول الله لقد هويت الإسلام ، وصدّقت بك قبل أن تدعوني ، وخيرتني بين الكفر والإسلام ، فالله ورسوله أحب إلي من العتق ، ومن الرجوع إلى قومي" ..
    فتزوجها عليه السلام وجعل عتقها صداقها .
    ويعلق الإمام ابن القيّم رضي الله عنه على ذلك بقوله :
    "جعل عتقها صداقها، فصار ذلك سُنَّة للأمة إلى يوم القيامة أن يعتق الرجل أمته ويجعل عتقها صداقها ، فتصير زوجته بذلك . فإن قال الرجل : جعلت عتق أمتى صداقها صح العتق والنكاح ، وصارت زوجته من غير احتياج إلى تجديد عقد ولا ولي . وهو ظاهر مذهب أحمد وكثير من أهل الحديث . انتهى

    بركات السيدة مارية
    يثير الحاقدون على الإسلام موضوع تمتع النبي صلى الله عليه وسلم بجاريته
    السيدة مارية القبطية ..
    ويزعمون أنه لو كان نبيّا حقًا لما فَعَلَ هذا !! والرد على هؤلاء ميسور بإذن الله .
    ونقول أولا :
    أن التمتع بملك اليمين – الجواري – كان في شريعة الأنبياء من قَبله عليهم جميعًا الصلاة والسلام ..
    فقد عاشر أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام السيدة هاجر – المصرية أيضًا – بملك اليمين ، وأنجبت له سيدنا إسماعيل جد العرب وجد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
    وكذلك كان لإسحاق ويعقوب وداود وسليمان عليهم السلام عشرات من الجوارى ،
    ولم يطعن أحد من الحاقدين عليهم بسبب ذلك!! فهل تمتعه صلى الله عليه وسلم بجارية وحيدة هي السيدة مارية – حسب الراجح من أقوال العلماء –
    يعد أمرًا غير حميد ؟! ولماذا لم يتفوه أحد بكلمة ضد تمتع أخوته الأنبياء من قبل بالجواري ملك اليمين ؟!!
    إنه الحقد على الإسلام وحده والكراهية المقيتة لمحمد صلى الله عليه وسلم وحده . ثم لننظر ولنقارن حال السيدة مارية قبل وبعد الإسلام لنعرف مدى كذب الحاقدين وإنكارهم للحقائق الثابتة .
    ماذا كانت السيدة مارية قبل الإسلام ؟ مجرد جارية من جواري المقوقس – كبير نصارى مصر في ذلك العهد – لا يعرفها أحد ولا يهتم بأمرها أحد ، وكان أقصى ما سوف تناله أن يعاشرها سيدها بمصر من حين لآخر بلا أية حقوق لها أو لأولادها الذين كانوا سيصبحون عبيدًا كأمهم بلا ريب .، وهكذا تنتقل من سيد إلى آخر ، تعمل طوال النهار في كل الأعمال الشاقة ، أو مع آخرين ينزلون ضيوفًا على السيد - كوسيلة من وسائل الترفيه - فضلاً عن تعرضها للضرب والأذى- وربما القتل- بلا ضوابط أو حدود أو قيود . ولكن الله تعالى أراد أن ينقذ المسكينة
    مارية من هذا الإذلال والإهدار للآدمية ،
    وأن يخلّدها في العالمين ، فأهداها المقوقس إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
    وهنا انقلبت الأحوال بقدرة الله عزّ وجلّ من النقيض إلى النقيض . فقد أنزلها النبي عليه السلام فى مسكن خاص مثل غيرها من نسائه ، وكان يجري عليها النفقة كالمأكل والملبس مثلهن سواء بسواء . ثم كان يحنو عليها ويقربها إليه ويعاشرها كباقي زوجاته بمنتهى العدالة والنبل .
    وشاء الله عزّ وجل أن يُنْعم على السيدة مارية بما لم تحظ به حتى السيدة عائشة أحب زوجات النبي إلى قلبه .
    فقد ولدت السيدة مارية للنبي أحب أولاده إلى قلبه وهو "إبراهيم" عليه السلام . والمعروف أن عائشة وحفصة وغيرهن من الحرائر من أزواجه لم ينجبن منه باستثناء السيدة خديجة رضي الله عنها والتي كانت قد توفيت بمكة . وهكذا حظيت مارية رضي الله عنها بالقسط الأوفر من المحبة والتكريم باعتبارها أم "إبراهيم" الولد المحبب إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم .
    و من بركتها أيضا أنها كانت سببًا في تشريع عتق "أم الولد" وهي الجارية التي تلد لسيدها ولو "سقطًا" أي جنينًا يقذفه الرحم ميتًا . إذ أنه فور علمه صلى الله عليه وسلم بمولد ابنه إبراهيم من مارية " .
    . فأي بركة تسببت فيها سيدتنا مارية ؟ وأي خير أصاب الملايين من الجواري على مر العصور بسببها ؟ إنها لم تتحرر وحدها بمولد إبراهيم فحسب ، بل حررت معها كذلك كل جارية تلد لسيدها ولو سقطًا غير مكتمل .
    ثم هناك نعمة هدايتها للإسلام ، وأنها آمنت بالله وحده ربا لا شريك له ولا ولد ، وآمنت بنبيه الذي يحشرها الله معه في الجنة زوجة له مع أخواتها الأخريات .
    ولم يكن هذا هو كل ما في حياة السيدة مارية من بركات ..
    فقد أبى الله إلا أن تكون مارية المصرية سبب خير وبركة لأهل مصر كلهم ..
    روى الإمام مسلم- في فضائل الصحابة- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    إنكم ستفتحون مصر . وهي أرض يسمى فيها القيراط . فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها . فإن لهم ذمة ورحما . أو قال : ذمة وصهرا . فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة ، فاخرج منها . قال : فرأيت عبدالرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة ، يختصمان في موضع لبنة ، فخرجت منها .
    الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2543
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

    قال : ورحمهم أن أم إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام منهم ،
    وأم إبراهيم ابن النبي عليهم السلام منهم(9) انتهى.

    وكفى المصريين فخرًا أن يكونوا أصهارًا لإبراهيم ومحمد وأخوالاً لولديهما . وهكذا نالت السيدة مارية حريتها بالإسلام ،
    وصارت كذلك أمًا لإبراهيم أحب ولد النبي إليه ، وأمًا لكل المؤمنين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
    و كانت لها محبة في قلب النبي..

    عتاب إلهى
    وقد عاتب الله رسوله بسبب السيدة مارية . فقد جامعها الرسول صلى الله عليه وسلم مرة في بيت زوجته حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فغضبت السيدة حفصة وحزنت أشد الحزن ، وقالت لزوجها عليه السلام :
    "ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك"، فلم يجد الزوج الحنون الرحيم ما يُطَيِّب به خاطر زوجته إلا أن يُحَرِّم على نفسه أن يقرب أم ولده السيدة مارية ، وحلف لحفصة ألّا يقربها . فنزل في ذلك قوله تعالى :
    "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم" (التحريم : 1) .
    قال العلماء أن الله تعالى أعلم نبيه أن وطء جاريته حلال له ، ولا يجوز له أن يُحَرِّم ما أحل الله له على نفسه ،
    وكل ما هنالك أن الرجل إذا قال لامرأته أو أمته – جاريته – أنت حرام عليَّ فإن عليه الكفّارة، ويحل له مجامعتها بعد ذلك . وهكذا كانت السيدة مارية رضي الله عنها سببًا هنا أيضا في رفع الحرج عن كثير من الزوجات اللاتي يتلفظ أزواجهن بمثل هذه الكلمة ، فيظنون أن العلاقة الزوجية قد انفسخت بذلك ، فأعلم الله الجميع أن هذه الكلمة هي مجرد يمين يكفرها الرجل إذا لم ينو بها طلاقًا ،
    وعليه كفارة الظهار المغلّظة وهي تحرير رقبة – عتق عبد – إن نوى بها الظهار طبقا للراجح من آراء العلماء التي بلغت 18
    رأيا أوردها الإمام القرطبي رضي الله عنه في تفسيره للآية الأولى من سورة التحريم(10) . وروى الإمام الدارقطني في سننه عن ابن عباس رضي الله عن الجميع –
    أن رجلاً جاء إلى ابن عباس فقال :
    إني جعلت امرأتي عليّ حرامًا ، فقال له ابن عباس :
    كذبت ليست عليك بحرام، وتلا الآية الأولى من سورة التحريم ، ثم قال للرجل : عليك أغلظ الكفارات عتق رقبة . وقال جماعة من المفسرين أنه لما نزلت هذه الآية كَفَّرَ النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه بعتق رقبة ،
    وعاد إلى معاشرة السيدة مارية عليها السلام . قاله زيد بن أسلم وغيره طبقا لرواية القرطبي في تفسيره .
    وهكذا تسببت السيدة مارية رضي الله عنها هنا أيضا في عتق أنفس أخرى كثيرة بعد هذه الواقعة ونزول تلك الآية . فهل كانت تلك كل البركات لتحدث لولا اقتران السيدة مارية بسيد ولد آدم عليه السلام ؟! وهل اجتمعت تلك المفاخر والمآثر لامرأة أخرى سواها ؟!! .

    سلمان منا آل البيت
    كان سلمان رضي الله عنه رجلاً فارسيًا تعرّف في صباه على بعض النصارى فأعجبه دينهم – قبل ظهور الإسلام – وترك عبادة النار ، ثم رحل إلى بعض الأديرة لعبادة الله ، إلى أن انتهى به الأمر إلى راهب أخبره قبل موته أنه قد اقترب زمان النبي الخاتم ، وأنه يبعث في مكة ويهاجر إلى أرض بها نخيل ، وحولها صحراء ، وأعطاه مواصفات "يثرب" ، وعلامات يعرف بها النبي ، وهي أنه يأكل الهدية ولا يقرب الصدقة ، وبين كتفيه علامة النبوة – خاتم النبوة – وعرض سلمان على قافلة من الأعراب أن يعطيهم مالاً مقابل أن يحملوه معهم إلى بلاد العرب . لكنهم غدروا به في الطريق ، وباعوه عبدًا لرجل من يهود يثرب .
    صبر رضي الله عنه على الرق وسوء معاملة سيده اليهودي له حتى هاجر النبي عليه السلام إلى يثرب . فانطلق إليه سلمان ، وتحقق من وجود العلامات الثلاث به فاحتضنه وبكى ممّا عرف من الحق . وقصّ على النبي وأصحابه قصته . فأرشده عليه السلام إلى مكاتبة سيده اليهودي ليحصل على حريته .
    اتفق سلمان مع اليهودي على أن يحرّره مقابل ثلاثمائة نخلة يغرسها له وأربعين أوقية من ذهب . وقال النبي عليه السلام لأصحابه : "أعينوا أخاكم" ، فجعل كل منهم يأتي بالنخلات الصغار قدر استطاعته ، حتى جمعوا له الثلاثمائة المتفق عليها.
    و قام النبي صلى الله عليه وسلم بغرسها جميعا بيده الشريفة فنبتت كلها ببركته . ثم أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم سلمان قطعة صغيرة من الذهب قائلا له : "خذها فإن الله سيؤدي بها عنك". وبالفعل تحققت معجزة أخرى ووزنت القطعة الصغيرة أكثر من حق اليهودي ، و تحرّر سلمان من الاستعباد .

    حديث طويل رواه
    سلمان الفارسي في
    الراوي: سلمان الفارسي المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2/556
    خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

    وبهذا السلوك أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم الأمة كلها إلى ضرورة اعانة المكاتب ومساعدته على التحرر بتبرعات الأفراد، ومن بيت المال ، وأن يكون الحاكم قدوة بنفسه في هذا المجال . وسلمان هو الذي أشار على النبي بحفر الخندق حول المدينة لتأمينها ومنع الأحزاب الكافرة من دخولها في غزوة الخندق .
    وهكذا رفع الله منزلة العبد السابق بالإسلام بجعله ليس فقط صاحبا لرسوله ، بل منسوبًا إلى أهل بيته عليهم السلام أجمعين .
    وما نعرف لهذا نظيرا في أيّة أمّة أخرى من الأولين و الآخرين .
    وشاء قدر الله أن يمتد بسلمان العمر حتى تولى إمارة المدائن – بلاد فارس – في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
    وبذلك تولى العبد السابق حكم بلاده الأصلية بعد زوال حكم كسرى بالفتح الإسلامي . ولم يمنعه من تولي السلطة كونه عاش سنوات طوال عبدًا مملوكًا لبعض يهود يثرب .. فالله تعالى يُؤتي الملك من يشاء ، بلا فرق بين حرّ وعبد ، أو غني وفقير .

    سيدنا أعتق سيدنا

    كان بلال بن رباح رضي الله عنه من العبيد السابقين إلى الإسلام ، وهو ممن تعرّضوا للتعذيب المروّع بمكة لإجبارهم على ترك الدين الحق . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتألم من أجلهم ،
    وقال عليه السلام : "لو كان عندنا شيء ابتعنا بلالا"
    ( أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب وهو في أسد الغابة 1/243) ، وسمع بذلك أبو بكر فاشتراه بسبع أواق وأعتقه ،

    وعلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لأبي بكر: "الشركة يا أبا بكر" فقال أبو بكر : قد أعتقته ( ابن سعد 3/1/165) . ولو لم يكن أجر العتق عظيمًا لما سأل النبي أبا بكر أن يشركه معه فيه .
    وأخرج مسلم في فضائل الصحابة أن قوله تعالى
    "ولا تطرد الذين يدعون ربهم..." -الآيتان 52 – 53 من سورة الأنعام - نزل في بلال وآخرين من الضعفاء، قال المشركون للنبي : اطرد هؤلاء عنك حين نجلس معك حتى لا يتجرأون علينا !! ولكن الله تعالى أنزل أمرًا سماويًا للنبي بألا يطرد أولئك المؤمنين من أجل المتكبرين من المشركين .. لأنه لا فضل لأحد على أحد في الإسلام إلا بالتقوى ، ولا قيمة لأموال المشركين ولا أحسابهم في ميزان الله رب الجميع .
    الحديث
    نزلت هذه الآية فينا ستة في وفي ابن مسعود وصهيب وعمار والمقداد وبلال قال قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا نرضى أن نكون أتباعا لهم فاطردهم عنك قال فدخل قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ما شاء الله أن يدخل فأنزل الله عز وجل ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) الآية * ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين
    الراوي: سعد المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3347
    خلاصة حكم المحدث: صحيح


    وكان بلال رضي الله عنه مع الرسول في كل الغزوات ، وتولى الآذان طوال حياته لعذوبة صوته . وشهد له النبي بالجنّة في حديث رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وغيرهم .
    وعندما أذن أبو بكر لبلال في السفر والمقام بالشام ذهب هو وصاحبه "أبو رويحة" إلى قوم من أكابر العرب في الشام ليخطبوا اثنتين من بناتهم . قال بلال لهم : إنا قد أتيناكم خاطبين ، وقد كنا كافرين فهدانا الله ، ومملوكين فأعتقنا الله ، وفقيرين فأغنانا الله ، فإن تزوجونا فالحمد لله ، وإن تردّونا فلا حول ولا قوة إلا بالله . فوافق القوم على الفور مرحبين بصاحبي الرسول وزَوَّجُوهما من اختارا ، رغم أن تلك القبيلة "خولان" هي واحدة من أعرق القبائل بالشام كله .
    وهكذا يتساوى الجميع في الإسلام، ولا تفضيل لحرّ على عبد إلا بمعيار الإيمان والعمل الصالح .
    ويكفي لبيان ما وصل إليه بلال من مكانة سامية بالإسلام أن عمر بن الخطاب الرجل الثالث في الإسلام قال عن أبي بكر وهو يصف مناقبه : "وهذا سيدنا بلال حسنة من حسناته"،
    قتيبة : حدثنا الليث ، عن يحيى بن سعيد قال : ذكر عمر فضل أبي بكر ، فجعل يصف مناقبه ، ثم قال : وهذا سيدنا بلال حسنة من حسناته .


    وفي رواية أخرى للبخاري وغيره قال عمر بن الخطاب : "أبو بكر سيدنا أعتق سيدنا " .

    كان عمر يقول : أبو بكر سيدنا ، وأعتق سيدنا . يعني بلالا .
    الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3754
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


    أرأيت كيف وصف أمير المؤمنين الفاروق عمر بلالاً بأنه "سيدنا" ، وهو الذي كان عبدًا مغمورًا ضائعًا في شعاب مكة قبل الإسلام ؟!

    صبرًا آل ياسر

    كان صلى الله عليه وسلم يمر بالضعفاء من أصحابه وهم يعانون أشد ألوان التعذيب تحت لهيب شمس مكة الحارقة ، ومنهم ياسر وزوجته سميّة مولاة بني مخزوم وابنه الصحابي الجليل عمّار بن ياسر مولى بني مخزوم أيضا .
    وروى الطبراني والهيثمي والحاكم – وصححه الذهبي – أن الرسول صلى الله عليه وسلم
    قال لهم " صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة ".

    صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة .
    الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة - الصفحة أو الرقم: 103
    خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح


    وهي شهادة نبوية ثابتة لهم بالجنة إن شاء الله .
    ونزلت في عمّار الآية الكريمة
    "إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان"
    فقد عَذّبَه الكفار حتى سبّ النبي تحت الإكراه خشية القتل وذهب بعدها يبكي فسأله النبي : "فكيف تجد قلبك ؟" ، أجاب عمّار : مطمئن بالإيمان ، فقال له النبي عليه السلام : "فإن عادوا فعد"
    ، يعني أنه لا إثم عليه فقد فعل هذا مضطرًا مكرهًا . أخرجه الطبري وأبو نعيم وابن سعد والحاكم

    أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما وراءك ؟ قال : شر يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال : كيف تجد قلبك ؟ قال مطمئنا بالإيمان قال : إن عادوا فعد .
    الراوي: عمار بن ياسر المحدث: ابن كثير - المصدر: إرشاد الفقيه - الصفحة أو الرقم: 2/295
    خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح وزاد بعضهم وفي هذا أنزلت: { من كفر بالله من بعد إيمانه.. الآية }


    وروى الترمذي في المناقب - وصححه الحاكم والذهبي- وروى أبو نعيم والهيثمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : "اشتاقت الجنة إلى ثلاثة علي وعَمَّار وبلال".
    اشتاقت الجنة إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان
    الراوي: أنس بن مالك المحدث: الذهبي - المصدر: تلخيص العلل المتناهية - الصفحة أو الرقم: 97
    خلاصة حكم المحدث: صالح الإسناد


    وكانت سميّة أم عمّار أول شهيدة في الإسلام ، إذ طعنها أبو جهل اللعين بحربة في قُبُلها ففاضت روحها في الحال ..
    ألا يكفي الرقيق شرفًا أن أول من نال الشهادة وهي درجة عليا يتمناها حتى النبي كانت واحدة من الجواري هي السيدة سميّة ؟!!.
    والأحاديث في فضائل عمّار بن ياسر كثيرة نختار منها أنه عليه السلام قال.

    أخبرني من هو خير مني ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار ، حين جعل يحفر الخندق ، وجعل يمسح رأسه ويقول " بؤس ابن سمية . تقتلك فئة باغية " .
    الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2915
    خلاصة حكم المحدث: صحيح


    ما نسيت قوله يوم الخندق وهو يعاطيهم اللبن وقد اغبر شعر صدره وهو يقول اللهم إن الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة قال فرأى عمارا فقال ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية
    الراوي: أم سلمة هند بنت أبي أمية المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 7/601
    خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم

    
    أن عمّارًا كان يحمل لبنات من الطوب لبناء المسجد النبوي أكثر مما يحمل أصحابه ،
    فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينفض رأسه ويقول : "ويحك يا ابن سميّة تقتلك الفئة الباغية"
    عن أم سلمة قالت لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يبنون المسجد جعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحمل كل واحد لبنة لبنة وعمار يحمل لبنتين لبنة عنه ولبنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ظهره وقال ابن سمية للناس أجر ولك أجران وآخر زادك شربة من لبن وتقتلك الفئة الباغية.
    الراوي: أم سلمة المحدث: ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 3/215
    خلاصة حكم المحدث: إسناده على شرط الصحيحين


    . وبالفعل استشهد عمّار يوم صفين ،
    قتله جيش الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان ، وكان عمّارُ في جيش الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
    وكانت بين خالد بن الوليد وعَمَّار بن ياسر رضي الله عنهما مشادة، فأغلظ له خالد القول ، فشكاه عمار إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام :
    "من عادى عمّارًا عاداه الله ، ومن أبغض عمّارًا أبغضه الله" أورده الذهبى فى سير أعلام النبلاء ، فخرج خالد مسرعًا حتى لقي عمّاراً واعتذر له واسترضاه حتى رضي .
    وعن خالد بن الوليد ، قال : كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام ، فأغلظت له في القول ، فانطلق عمار يشكوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجاء خالد وهو يشكوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : فجعل يغلظ له ولا يزيده إلا غلظة ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ساكت لا يتكلم ، فبكى عمار وقال : يا رسول الله ! ألا تراه ؟ ! فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه ، وقال : من عادى عمارا عاداه الله ، ومن أبغض عمارا أبغضه الله ، قال : خالد : فخرجت ؛ فما كان شيء أحب إلي من رضى عمار ، فلقيته بما رضي فرضي .
    الراوي: خالد بن الوليد المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 6208
    خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

    هل رأيتم ؟ الله عز وجل يعادي من عادى عمّارًا العبد السابق والرب يمقت من يمقته ؟!.
    هل يطمع أحد من الأحرار في منزلة أعلى من تلك التي بلغها عمَّار ؟!! .

    سابق الروم

    وهناك حفاوته عليه السلام وتكريمه لصهيب بن سنان الصحابي الجليل الذي وصفه النبي بأنه "سابق الروم" (أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" والحاكم 3/15/2 ) و قد تقدم مثله عن سلمان و بلال.(11).
    صهيب سابق الروم .
    الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الذهبي - المصدر: سير أعلام النبلاء - الصفحة أو الرقم: 2/19
    خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد


    ومعنى سابق الروم أنه سبقهم جميعًا إلى الإسلام ثم إلى الجنّة بإذن الله .
    وصهيب رضي الله عنه كان من الموالي في مكة ،
    ولم يفلته المشركون أثناء الهجرة إلا بعد أن دَلَّهم على كل أمواله فتركوه ليهاجر إلى "يثرب" فقيرًا مريضًا لا يملك قوت يومه ..
    ولكن حبيبه المصطفى تلقّاه في يثرب مبشّرا له بالفوز العظيم ورضوان الله عن صفقته المباركة .
    ونزلت فيه آية كريمة خالدة تثني عليه وتبشره بالرضوان والفوز الكبير .
    قال تعالى :
    " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ "
    (البقرة : 207) .
    قال ابن عباس وأنس وسعيد بن المسيب وأبو عثمان النهدي وعكرمة وغيرهم :
    نزلت هذه الآية في صهيب بن سنان الرومي ،
    عندما اضطره المشركون إلى التخلي عن كل ما يملك ليسمحوا له بالهجرة إلى حيث النبي في يثرب ،
    فأعطاهم كل ماله ليهاجر ويفر بدينه (12) ،
    وروى ابن مردويه – فيما ينقله ابن كثير – أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشره قائلا له مرتين

    أتيتنا صعلوكا حقيرا ، فكثر مالك عندنا ، وبلغت الذي بلغت ، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك ، والله لا يكون ذلك ، فقال لهم صهيب : أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي ؟ قالوا : نعم ، قال : فإني قد جعلت لكم مالي . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ربح صهيب .
    الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة - الصفحة أو الرقم: 157
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

    لكل هذه المواقف المضيئة في السيرة العطرة وغيرها ،
    لم يملك المنصفون من غير المسلمين سوى الاعتراف لسيد الخلق عليه السلام بأنه رسول من عند الله حقًا ، والإقرار بما كان عليه من خلق عظيم لم يؤت مثله أحد من قبل أو من بعد . وقد وصفه أحد هؤلاء
    وهو الدكتور راما كريشنا راو – بصفات عظيمة كثيرة منها أنه هو بحق: "محرر العبيد" صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم(13).
    اللهم كما أعتقت رقاب البلايين من الكفر والرق ، أعتق رقابنا وإياهم من النار . آمين . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

    منقول
    -------------------------------------
    المراجع
    للمزيد من التفاصيل راجع :
    1 – سيرة ابن هشام وأيضا المورد في مولد النبي للملا علي بن سلطان الهروي .
    2 – زاد المعاد للإمام ابن القيم رضي الله عنه .
    3 – الطبقات الكبرى لابن سعد – الجزء الثامن - تراجم أمهات المؤمنين .
    4 – سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي رضي الله عنه .
    5 – تفسير ابن كثير – سورة الأحزاب وكذا تفسير القرطبي والنسفى والطبرى والبغوى والشوكانى .
    6 – أسد الغابة - الجزء السابع .
    7 – ابن ماجة كتاب العتق – الدارمي كتاب البيوع .
    8 – مسند الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه – الجزء الأول ص 208 .
    9 – صحيح مسلم – فضائل الصحابة ص 226 .
    10 – الإمام القرطبي – الجامع لأحكام القرآن – تفسير سورة التحريم .
    11 – حلية الأولياء لأبي نعيم وأيضا عند الحاكم و فى سنن أبي داود والترمذي .
    12 –الامام القرطبى- المرجع السابق تفسير الآية 207 من سورة البقرة .
    13 – محمد نبي الإسلام – تأليف الدكتور راما كريشنا راو .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو يوسف ; 4th November 2011 الساعة 10:16 PM

  2. #2
    بارك الله لك ايتها الابنة الفاضلة وجزاك خيرا وفقهك فى الدين ..
    جعلك من أهل الجنة وعباده الصالحين المقيمى الليل الصادقين مع الله ورسوله

  3. #3
    إدارة المنتدى
    علم الدولة:
    رقم العضوية : 1
    تاريخ التسجيل : Mar 2010
    المشاركات: 925
    التقييم: 10
    العمل : طالب علم
    مقالات المدونة: 2

    أوسمة العضو

     

    جزاكي الله خير أختي عاشقة الرحمن على الموضوع


  4. #4
    انه حقا رسول الانسانية البشير التذير المنذر المدثر المزمل حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم
    بارك الله فيك وبارك لك وبارك عليك الابنة عاشقة الرحمن

المواضيع المتشابهه

  1. شاعر الرسول
    بواسطة لك عدت في المنتدى ۞~۩ رجال ونساء حول الرسول ۩~۞
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 13th January 2014, 10:49 AM
  2. كيف تصلي صلاة الرسول مع الشيخ محمد حسين يعقوب
    بواسطة أبو يوسف في المنتدى ۩~۞*¤ منتدى العقائد والعبادات الإسلامية ¤*۞~۩
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12th February 2012, 11:25 PM
  3. بحث فى نجوى الرسول د أحمدى شحاته
    بواسطة العائد الى الله في المنتدى ۞~۩ مادة التفسير والقضايا القرآنية ۩~۞
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22nd May 2011, 08:37 PM
  4. أحجبت باكستان يوتيوب بسبب الرسوم المسيئة للنبى محمد
    بواسطة ريحآنة آلجنه في المنتدى ۩~۞*¤ المنتدى الأعلامي و الأعلاني ¤*۞~۩
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24th September 2010, 12:29 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

webune

flagcounter

احصائيات وترتيب الموقع


Free Page Rank Tool