الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد


ماذا تعني قاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)



للشيخ ابن باز
يقول العلماء في كلامهم: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، وغيرها من القواعد, فما المقصود بهذه القواعد، ومن هو الذي وضعها، هل هو النبي صلى الله عليه وسلم، أم العلماء استنبطوها؟


استنبطها العلماء من الأدلة، الأدلة الشرعية كون الإنسان يدرأ مفسدة أعظم من كونه يجلب مصلحه التي يتخيلها ويظنها, فإذا كان اجتماعه بزيد أو بعمرو يترتب عليه شر فيترك هذا الاجتماع الذي يخشى منه شر، وإن كان يرجوا فيه مصلحة بأن يعطيه فلوس أو يدعوا له أو ما أشبه ذلك، لكن إذا كان يترتب عليه سوء ظن، أنه يظن به شر أن هذا الرجل الذي يحب أن يجتمع به مشهور بالشر أو بشرب المسكر أو بفعل ما حرم الله من اللواط أو ما أشبه ذلك يبتعد عما يظن به السوء من أجله، وكذلك إذا كان تعاطيه بصفة معينة يجر عليه شراً يبتعد عنها، وهكذا إذا كان ذهابه إلى حارة من الحارات يجر شراً يبتعد، ولو كان فيها مصلحة أنه يزور مريض أو يتصدق على أحد ما دام دخول هذه الحارة ظاهرها يتهم بالشر والفساد لا يذهب، درء المفسدة مقدمة على المصلحة، وهكذا ما أشبه ذلك. شكر الله لكم...


درء المفاسد أولى من جلب المنافع"

هذه قاعدة عظيمة، من قواعد الفقه الإسلامي، تندرج تحت القاعدة الأم : الضرر يزال، وهي تكشف من خلال تطبيقاتها وما يندرج تحتها من فروع كثيرة، عن مقصد عظيم من مقاصد الشريعة الجليلة، ألآ وهو منع الفعل الضار في جميع صوره؛ قبل وقوعه احترازا، ومعالجة أثره بعد وقوعه، إزالة ودفعا.
قال الشيخ العلامة مصطفى الزرقاء رحمة الله عليه في المدخل: للمفاسد سريانا و توسعا كالوباء و الحريق، فمن الحكمة والحزم القضاء عليها في مهدها، و لو ترتب على ذلك حرمان من المنافع أوتأخيرها، و من ثم كان حرص الشارع على منع المنهيات أقوى من حرصه على تحقيق المأمورات.
و الأصل في هذه القاعدة حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
ما نهيتكم عنه فاجتنبوه . وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم . فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم ، واختلافهم على أنبيائهم . وفي رواية : عن النبي صلى الله عليه وسلم : ذروني ما تركتم . وفي حديث همام : ما تركتم . فإنما هلك من قبلكم . ثم ذكروا نحوه الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1337
خلاصة حكم المحدث: صحيح

باب توقيره صلى الله عليه وسلم.

فروع هذه القاعدة
1 - منع التجارة بالمحرمات من خمر ومخذرات و دخان، و لو أن فيها أرباحا و منافع اقتصادية، و قد تتعلق هذه المسألة بقاعدة أخرى، وهي ما حرم الشارع أكله و شربه لذاته فقد حرم ثمنه، ولا مانع أن يتعلق الفرع الواحد بأكثر من قاعدة.
2 - وكذا يمنع كل جار من التصرف في ملكه تصرفا يضر بجيرانه، كاتخاذ معصرة أوفرن يؤذيان الجيران بالرائحة و الدخّانأوكحفر بئر في أرضه لا ينتفع به، قال الدكتور مصطفى الزرقاء: وهذا غاية ما وصل عليه التفكير القانوني الحديث في نظرية منع التعسف في استعمال الحق.
3 - و منها منع الطبيب الجاهل و منع الاحتكار و التعدي في الأسعار كما بينا في القواعد أخرى متقدمة.
4 - و منها لو اختلطت الميتة مع المذكّاة وجب ترك الجميع.
5 - و منها ولو اشتبه في امرأة أهي امرأته أم هي اجنبية منه، فإنه لا يحل له قربانها.
منقول