الحلقه الواحده و العشرين

كتم على مشاعره بداخله فقد كان كل ما يشغله فى هذه اللحظه هو كيف يخرج بساره بسلام من هذا المكان
وتحول كل غضبه الى قلق ولهفه دفعته ليتقدم منها بخطوات سريعه وهو يهتف : ساره, هل أنت بخير؟هل آذاك أحد؟
نظرت اليه بعينين يتساقط منهما الألم : لماذا؟, لماذا يا علي؟ لماذا فعلت بى ذلك؟
لقد كنت على استعداد أن أبيع الدنيا بكل ما فيها وأشتريك.
وأترك كل شئ فقط لأبقى معك, كل ما أردته هو أن أحيا معك, ولكنك سقتنى الى الموت...لماذا يا علي؟
أمسك بكفيها بين يديه وقال : انسى كل هذا, لا وقت الآن للكلام, يجب أن نغادر هذا المكان فورا
قالت بسخريه تحترق ألما : الى أين؟ الى حبل المشنقه؟ كنت دائما أشعر معك بأمان لا حدود له, لم أكن أتخيل يوما أن يكون هلاكى على يديك
على باصرار : يجب أن نعود الى مصر, وأنا متأكد أنهم...
هزت رأسها بالنفى وهى تنتحب : لقد قطعت بيديك خط العوده الى الأبد
قال : لن يمسك أحد بسوء فأنت بريئه
صرخت بحده : انت لا تفهم, لو عدت اليهم لن يرحمونى, أى قضيه بحاجه الى جانى, والجانى الوحيد الذى يستطيعوا الوصول اليه هو أنا, سيجعلونى كبش فداء لانهاء القضيه بسرعه وإرضاء رؤسائهم
عقد على حاجبيه وقال بغضب : واذا بقيت هنا فستتحولين بالفعل الى جاسوسه..اسمعينى جيدا, أنا أحاول انقاذك, يجب أن تظلى كما أنت, بريئه نقيه
صرخت فى وجهه : هذا العالم المتوحش لا يعترف بالبراءه, لن أعود أبدا, لن أدعهم يشنقونى
صمت على تماما وأخذ يتأمل وجهها الذى أغرقته فيضانات الدموع, ثم ابتلع ريقه وقال بهدوء : ساره, أنت زوجتى, ويجب أن تطيعينى, تذكرى ما بيننا, أنا آمرك كزوج أن تطيعينى وتعودى معى فورا
نظرت ساره فى وجهه وبدأ الضعف والتأثر يبدو واضحا فى ملامح وجهها
وفجأه ..انتفض الإثنان على صوت توم الذى تدخل بسرعه ليقطع تأثير علي عليها : أعتقد أنك هنا ليس لك اى حقوق أو سلطات تمارسها على ساره, لذلك أنصحك بـ..
صرخ على بحدة كبيره : لا تتدخل بينى وبين زوجتى
ضحك توم بسخريه كبيره وقال بتعالى : انت لا تفهم حقيقة موقفك تماما, دعنى أوضح لك خطورة الموقف
اتجه بخطوات واثقة الى المكتب وتناول من عليه جهاز ريموت كنترول صغير, وجهه الى التلفاز الموضوع على منضدة صغيره فى ركن الحجره,
فتح التلفاز وأخذ يتنقل بين القنوات حتى استقر على واحده تبث الأخبار
اتجهت انظار كل من فى المكان الى التلفاز وأخذوا يستمعون الى ما تقوله المذيعه.
اتسعت عينا ساره برعب واقتربت من التلفاز بخطوات مهتزه, أما على فقد عقد حاجبيه بدهشه كبيره, ثم مالبث ان تفجر غضبه عارما .فقد كانت صورته تظهر واضحه على الشاشه بلحيته المميزه
وكانت المذيعه تتحدث عن عملية تفجير حدثت فى مطعم الفندق الذى تناول فيه على وساره طعام الغداء, نتج عن قنبلة شديدة الإنفجار كانت موضوعه أسفل احدى الموائد, وأن التفجير أسفر عن سبعة من القتلى واثنى عشر جريحا وأن ذلك الإرهابى الذى وضع القنبله كان يعد لسلسلة من التفجيرات فى أماكن مختلفه , وأنهم وجدوا فى حقيبته التى تركها فى غرفته فى الفندق وهرب أجهزة ومعدات وحزام ناسف لهذا الغرض
وجارى البحث عن الإرهابى ذو اللحية السوداء
أغلق توم التلفاز والتفت الى على وقال بسخريه لاذعه : الآن أصبحت أشهر من رئيس الولايات المتحدة نفسه
نصف سكان نيويورك يسعون خلفك, فأين ستذهب أيها البطل؟
بالتأكيد لم تكن تتوقع أن لعبة الأطفال التى جلبتها معك ستتحول الى حقيقه بمجرد أن تلمسها عصا الساحر العجيبه
حتى صديقك العزيز, لن يستطيع فك التعويذة السحريه واخراجك من تلك الورطه
والآن, أمازلت مصرا على تلك اللهجة المتغطرسه؟
صمت على تماما وهو ينظر الى توم والغضب والكراهيه تعتصر ملامحه عصرا
ثم قال بلهجه حاول ان يجعلها هادئه قدر ما يستطيع : خبرتكم لا تضاهى فى حبك المؤامرات وتلفيق التهم وصناعة الجريمه.
تصلون الى أغراضكم حتى لو على رقاب ودماء الأبرياء ولو من بنى جلدتكم
توم بسخريه : لقد فهمت الآن موقفك بوضوح
انهارت ساره على أقرب كرسى عندما عجزت قدميها عن حملها, ثم غطت وجهها بكفيها وأخذت تنتحب بشده
التفت على اليها ولان وجهه بحنان عندما وجدها فى تلك الحاله من الإنهيار, فنزل على ركبتيه ببطء وأمسك بوجهها ورفعه لتلتقى عينيها بعينيه وقال بأكبر قدر من التماسك : ساره, يجب أن نخرج من هنا ونعود الى مصر
نظرت اليه بحسره وقالت بانهيار : فات الأوان, ليس هناك أى أمل
قال بلهجة قويه : ساره , أنا زوجك وآمرك أن تطيعينى, يجب أن تأتى معى
قالت بألم : كان ذلك فى البداية صعبا, والآن, أصبح مستحيل
لو بقينا معا فسيسحقونا معا, النجاه فى أن يذهب كل منا فى طريق
نظرت الى توم والشرر يتطاير من نظراتها : أعلم تماما أن بيدهم مفتاح النجاه, أليس كذلك؟
ابتسم توم بمكر, وهز رأسه موافقا : بل والأكثر من ذلك
سنبرئك منها ونعيدك الى مصر وكأن شيئا لم يكن
قال على بقوه : لا يمكننى الوثوق بهم, فهم يفعلون اى شئ وكل شئ من أجل أغراضهم الوضيعه
لآخر مرة أقول لك, يجب أن تنفذى اتفاقنا وتطيعينى فى كل شئ
نظرت الى عينيه طويلا وقالت ببطء : يوما ما, وعدتنى أن تمنحنى حريتى بمجرد أن أطلبها بلسانى, يجب أن تفى بوعدك الآن
علي........ أريد الطلاق
صمت على تماما وظل يتأملها بجمود
أبى توم الا أن يحسم الموقف فقال بهدوء : هذا هو الطريق الوحيد للخروج من النفق المظلم, ان ذهبت معك فستهلك, وان بقيت انت معها فستهلك وتهلكها معك
ولكن ان افترقتما, فستعيش هى هنا وتبدأ حياة جديدة
أما أنت, نستطيع بسهوله اخراجك من ورطتك واعادتك الى مصر
ساره بألم : على, أعلم أنك رجل لا يخلف وعده, يجب أن تنجز وعدك لى, ...أريد حريتى
صمت على طويلا وهو يتأمل وجهها , ثم ضغط أسنانه بغيظ شديد وهو يقول ببطء : أقسم بالله ...لو لم أكن وعدتك هذا الوعد, لما استطاع أى مخلوق اجبارى أن أقولها ....
أنت طالق
أخذت ساره تحدق بوجهه بذهول وهربت الدماء من وجهها كما لو كانت لا تصدق أنه استطاع أن يقولها
تحرك توم بسرعه ليقطع الطريق على أى خطوة للتراجع
وضغط زرا خاصا فى مكتبه وهو يقول مباشرة : والآن, لاداعى لإضاعة المزيد من الوقت
فتح الباب فجأة, وظهر من خلفه رجل قوى ذو وجه عريض وبشرة سمراء, يرتدى حلة سوداء أنيقه
قال توم : براون سيخرجك من هذه البلاد, فهو يعرف تماما ماذا سيفعل
لم يرد علي, بل لم يلتفت اليه,فقد كانت عينيه معلقتين بساره, التى مازال الذهول لايفارق ملامحها
نهضت ساره فجأة عندما جذبه براون من ذراعه الى خارج الحجره وعيناه تنظران لساره كما لو ان هناك شئ ما انكسر, حتى حال بينهما باب الحجره وهو يغلق
بقيت ساره ذاهله واقفه كالتمثال تحدق فى باب الحجره الذى غاب خلفه على, والدموع تروى خديها وملابسها, كما لو كانت تنتظر ان يفاجأها على بعودته, أو تنتظر استفاقتها من ذلك الكابوس الرهيب
والدقائق تمر, ومازالت تنتظر وتنتظر
وطيور الأمل ترحل بعيدا مع شمس ذلك اليوم الكئيب
ليسدل الليل ستائره معلنا انتهاء القصه بفراق الأحبه.
.................................................. .......
جلس على فى سيارة براون فى رداء كئيب من الحزن الصامت
لا يرى الطريق من شدة شروده, ولم يخرجه من كهف شروده الا عندما شعر بالسياره تتوقف, تلفت حوله ليجد نفسه فى مكان نائى والسياره تقف الى جانب الطريق, سأل براون بصرامه : لماذا توقفت
براون بهدوء: هناك شئ ما خطأ, سأتفحص العجلات الخلفيه
غادر السياره واتجه الى العجلات الخلفيه
بعد قليل سمع علي صوته يناديه, خرج من السياره واتجه اليه وهو يتساءل : ماذا هناك؟
كان براون منكبا على العجله الخلفيه يتفحصها, وبمجرد أن رأى على اعتدل ونظر فى عينيه, شعر علي بشئ ما من خلال نظراته الغريبه وابتسامته الساخره التى ظهرت على جانب فمه
فجأة …أخرج براون مسدسه وأطلق منه رصاصة سريعه مباشرة فى قلب علي
تفجرت الدماء غزيرة من صدر علي مكان الطلقه وهو ينظر الى براون, ثم سقط أرضا
لم يتردد براون لحظة واحده وأسرع بفتح الحقيبة الخلفية للسياره, وحمل جسد على ودماءه تسيل, وألقاه بقسوة فى حقيبة السيارة, وضم ذراعيه وساقيه الى جسده, ثم أغلق حقيبة السيارة جيدا, وعاد ببرود الى مقعد القيادة, وانطلق بالسيارة.
ظل يقود السيارة مسافة طويلة حتى وصل الى طريق فرعى, فانحرف فيه بالسيارة
سارت السيارة قرابة الساعة فى هذا الطريق حتى وصلت أخيرا الىمكان فسيح يمتلئ بسيارات قديمه, ومع اقتراب السيارة من المكان ووضوح معالمه كانت ابتسامة براون تتسع, لقد كان المكان عبارة عن مقبرة للسيارات
حيث تتحول السيارات القديمة فيه الى قطعة من الحديد لا معالم لها, عن طريق وضعها تحت آلة كبس الحديد الضخمة
توقف براون بالسيارة فى مكان محدد اختاره بعنايه, ثم غادرها متجها الى مبنى قديم يقبع فى جانب هذا المكان الفسيح
داخل المبنى كان هناك رجل قصير سمين له كرش بارز, يجلس الى مكتب صغير يأكل شطيرة ويشرب علبة من الجعه
خاطبه براون مباشرة وهو يخرج من جيبه رزمة مالية : هذا هو المبلغ الذى اتفقنا عليه…والآن, قم بعملك
أخذ الرجل يلوك قضمة من الشطيرة فى فمه, وبيده الأخرى تناول الرزمة المالية ووضعها فى جيبه, ثم قال ببطء : حسنا, فى الصباح سأ…
قاطعه براون بصرامه : الآن…هذا هو شرطى
نظر اليه الرجل ومط شفتيه بلا مبالاه, ثم هز رأسه موافقا.
نهض من مكانه وأفرغ ماتبقى من الجعة فى فمه ثم قذف بالعلبة الفارغه فى سلة القمامه, وخرج خلف براون يمشى ببطء وكرشه السمين يهتز أمامه.
وصلا الى السيارة وقال الرجل بعجب : ياللخسارة. سيارة جيدة بالفعل
اتجه الى ماكينة التحكم فى المكبس الضخم, وبدأ فى تشغيلها
تحرك المكبس الضخم وأخذ يضغط على السيارة, وبراون يبتسم بخبث وهو يستمع الى أصوات فرقعة وتكسرالحديد تحت ضغط المكبس, وبدأت السيارة تنكمش وتختفى معالمها
أخرج براون هاتفه المحمول, وتحدث الى توم قائلا : تم كل شئ حسب الخطة تماما, أنا فى انتظار السيارة التى ستقلنى من هنا